|
التوكل والتفويض والتسليم والثقة
التوكل
"هو أن نتَّخذ الله تعالىٰ وكيلاً في أمورنا". فيكون حصول ذلك بإرادة منا.
التفويض
"هو الاعتقاد بأنَّ الله تعالىٰ هو المتصرف في أمورنا بلا حاجة إلى وكالة منا"؛ وذلك علىٰ قاعدة: "لا جبر ولا تفويض ولكن أمرٌ بين أمرين"؛ يعني أنّ أمور الخلق بالأصل مفوَّضة إلىٰ الله سواء التفتنا إلىٰ ذلك أم لا، أردناه أم لا. وعليه يكون التوكل مجرد التوجُّه إلىٰ التفويض، ولكن مع إرادته ظاهرا، والحال أنه متحقق بمعزل عن الإرادة التي لا تغيِّر شيئا من سلطة الله علىٰ مخلوقاته. أضف أن التوكيل عادة ما يكون في أمر معيَّن، بينما التفويض يكون مطلقا؛ أي غير مخصَّص بأمر معيَّن أو جهة معيَّنة.
التسليم
"هو حالة من الانقياد الباطني التام لمشيئة الله تعالىٰ؛ وبالتالي نفي الحول والقوة عن النفس تماما". تماما كما جاء في شرح (لا حول ولا قوة إلا بالله) أنّ معناه: "لا حول عن معاصي الله إلا بعصمة الله، ولا قوة علىٰ طاعة الله إلا بعون الله". وهذا كاشف عن أنّ التسليم نتيجة للتوكُّل والتفويض.
الثقة
"هي الاعتقاد بولاية الله علىٰ كل شيء، وأنّ كل شيء بيده ويجري بمشيئته على النحو الأكمل". وعليه، ليست الثقة شيئا مغايرا للتوكُّل والتفويض والتسليم، بل هي جميعها معًا.
واعلم أنَّ المقاماتِ الثلاثةَ الأُوَلَيَاتِ لا تحصل من دون التحلّي بالثقة باللهِ تعالىٰ؛ لأنّها روح تلك المقامات؛ فما لم يثق العبد بالحق تعالىٰ لا يمكن أن ينال هذه المقامات. فلنتدبَّر.
وقد جاء في الحديث القدسي ما يصورِّ مقام الثقة؛ وهو أنّ اللّٰه أوحىٰ لداود (عليه السلام) فقال: "يا داود! تريد وأريد، ولا يكون إلا ما أريد، فإن أسلمتَ لما أريد أعطيتكَ ما تريد، وإن لم تسلِّم لما أريد أتعبتكَ فيما تريد، ثم لا يكون إلا ما أريد".
➖➖➖➖➖➖➖➖
د. السيد حسين علي الحسيني
واتساب: 009613804079
|