البَدَاء:
البَدَاء: في الإنسان " هو أن يبدوَ له رأيٌ في الشّيء لم يكن له ذلك الرّأي سابقًا " .
وقد نَسَبَ بعضُ المؤلّفين للإماميّة قولهم بالبداء بهذا المعنى بالنسبة لله تعالى . ولكنّ الحقّ أنّ الإماميّة يقصدون بالبداء الظهور بعد الخفاء بالنسبة للنّاس ؛ فجميع الأمور ظاهرة له تعالى : >... لايَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ في السَّمَاوَاتِ وَلا في الأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلا في كِتَابٍ مُبِينٍ< (1)؛ فقد ذكرنا في صفة العلم أنّه العالم المطلق الذي يتعلّق علمه بكلّ شيء على نحو الوجوب .
وقد يراد بالبَدَاء إظهار الله لشيء ثمّ مَحْوُه وإثبات غيره ، كما أشار في مُحْكَم كتابه : >يَمْحُوا الله ُمَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الكِتَابِ< (2)؛ ولكنّ هذا المَحْوَ والإثبات لا يعني تجلّي شيء لله بعد خفائه عنه ، وإنّما المقصود أنّ الله تعالى قد يُظْهِر شيئا لمصلحة تقتضي هذا الإظهار ، ثمّ يمحوه لمصلحة أيضا ، وكلتا المصلحتين كانتا في علمه الأزليّ ، كذا محوه وإثباته ، إلا أنّ الله يأبى أن يسيّر الأمور إلا في أسبابها ، كما أبى إلا أن يتمّ نوره ، ولو كره المشركون .
_____________________
(1) سورة سبأ الآية : 3 .
(2) سورة الرعد الآية : 39 .
|