📲 آداب تطبيقات التحادث
ربما يظنُّ البعضُ أنَّ هذا العنوانَ مزحةٌ أو دعابةٌ؛ إذ لعلَّه لم يخطرْ في خَلَدِ أحدٍ أنّ ثَمَّةَ آدابًا وأخلاقياتٍ خاصَّةً للتواصلِ مع الناسِ من خلالِ تطبيقاتِ التحادثِ كـ(الواتساب) مثلا! فـ(الوتساب) وغيرُه مِنْ تطبيقاتِ التحادثِ يسبِّبُ باستمرارٍ العديدَ مِنَ المشاكلِ الاجتماعيَّةِ، والعداواتِ بين الأقاربِ والأصحابِ، ولا داعي لِضَرْبِ الأمثلةِ، فالكلُّ يعرفُها حَقَّ المعرفةِ.
والآن دعُونا نشرعُ في ذِكْرِ بعضًا مِنْ هذه الآدابِ:
أوَّلًا:
إنْ كُنَّا نملكُ تطبيقًا ذا خصائصَ مُمَيَّزَةٍ كما في بعضِ نسخِ (الواتساب)؛ كخاصِّيَّةِ مَنْعِ الطرفِ الآخرِ مِنْ مَحْوِ رسائلِه نهائيًّا بعدَ وصولِها إلينا؛ حيثُ تبقىٰ ظاهرةً عندَنا حتىٰ بعدَ أنْ يمحوَها. فيجبُ التنبُّهُ إلىٰ أنَّ اختيارَ هذه الخاصيَّةِ منافٍ للأخلاقِ؛ فإنَّ مَنْ يَنْدَمُ أو يتراجعُ عَنْ شيءٍ كَتَبَهُ، ليس مِنَ الأدبِ إحْرَاجُهُ بأنَّنا عَرَفْنَا الجملةَ التي محاها.
ثانيًا:
إنْ تَمَكَّنَ الطرفُ الآخرُ مِنْ حَذْفِ جملةٍ أرسلَها قبلَ أنْ نتمكَّنَ مِنْ قراءتِها، فلا يَلِيْقُ أنْ نُحْرِجَهُ لنلجَّ عليه بالسؤالِ: (ما هي الجملةُ التي مَحَوْتَها؟!)؛ لأنّه لو أرادَ أنْ يُعْلِمَنا بها، لما محاها أصلاً.
ثالثًا:
لو صادفَ أنْ وقعتْ عَيْنُنَا علىٰ رسالةٍ قَبْلَ أنْ يمحوَها المُرْسِلُ، فَمِنْ لطافةِ الخُلُقِ الطَّيِّبِ أنْ نتظاهرَ بأنّنا لم نَلْحَقْ قراءتَها، خصوصًا إذا كانت تحتوي علىٰ مضمونٍ مُحْرِجٍ له.
رابعًا:
كثيرًا ما يتزاعلُ الأصدقاءُ بسببِ الردِّ المتأخِّرِ علىٰ رسائلِهم واتصالاتِهم، أو عدمِ الردِّ أصلًا، وهذا ما ينبغي أنْ لا نسمحَ له في أنْ يكونَ سببًا في وقوعِ الخلافِ بينِنا؛ بأنْ نحترمَ ظروفَ الآخرينَ التي نجهلُها، ولو أنْ يكونَ العُذْرُ عدم كَوْنِ الآخر في مزاجٍ مناسبٍ للردِّ. فأنْ يكونَ الشخصُ مُتَّصِلًا (on line) لا يعني أبدًا أنَّه متوفِّرٌ لتلبيةِ كلِّ الرسائلِ والاتصالاتِ التي تَرِدُهُ.
وفي أَسْوَإِ الأحوالِ، مَنْ يرىٰ أنَّه ينبغي أنْ يكون مميَّزًا لدىٰ شخصٍ ما؛ بحيثُ لا يتقبَّلُ منه أنْ يتجاهلَ رسائلَه، أو يتباطأَ في الردِّ عليها! فهنا، لا داعي لِتَشْرِيعِ أبوابَ خيالِنا وافتراضاتِنا علىٰ مِصْرَعَيْهَا، إذ يكفِينا - وبكلِّ بساطةٍ وبدونِ شَدٍّ عصبيٍّ وبعيدًا عَنِ التكَهُّناتِ - أنْ نتَّصلَ به لنسألَه عَنْ سببِ تجاهلِه أو تباطُئِه في الردِّ! ونخبرَه أنّ هذا التصرُّفَ منه يؤذي مشاعرَنا... والسلامُ.
خامسًا:
وهذه النقطةُ مِنْ أكثرِ الأمورِ التي تُوقِعُ في المشاكلِ، وهي أنْ نَحْكُمَ علىٰ كلامِ الآخرينَ مِنْ وراءَ شاشةِ الهاتفِ دونَ ملاحظةِ أنّ الكتابةَ لا تعكسُ المشاعرَ الحقيقيَّةَ والحالةَ النفسيَّةَ التي لها دخالةٌ مباشرةٌ في إيصالِ المعنىٰ المقصودِ؛ إذ كَثُرَما يكونُ ظاهرُ الكلامِ المكتوبِ مغايِرًا تمامًا للمعنىٰ المُرادِ؛ فلا يخفىٰ كم لملامحِ الوجهِ وَنَبْرَةِ الصوتِ مِنْ تأثيرٍ كبيرٍ في إفهامِ المقصودِ الواقعيِّ للمخاطَبِ؛ بحيثُ تُغَيِّرُ هذه التفاصيلُ التي لا نلحظُها مِنْ وراءِ الشاشةِ المعنىٰ بشكلٍ جذريٍّ.
➖➖➖➖➖➖➖➖
د. السيد حسين علي الحسيني
واتساب: 009613804079
|