﴿ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴾
 
 

 العادة السرية 

القسم : بحوث فقهية   ||   التاريخ : 2011 / 02 / 25   ||   القرّاء : 15840

     بسم الله الرحمن الرحيم، وبه نستعين، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيد المرسلين وخاتم النبيين أبي القاسم ياسين، وعلى آله الطيبين الطاهرين المعصومين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين إلى أن يشاء رب العالمين، وبعد..

     وردني سؤال من أخت مسلمة تشكو لي ابتلاءها بالعادة السرية متوهمة أنها مريضة نفسية، وطلبت مني أن أجد لها حلا مما تعاني، فكان الجواب:

- أولا:

     أختي الكريمة، أنت لست مريضة نفسية، وإنما أنت فتاة طبيعية تعمل على إشباع رغبتها، وهو أمر مباح، بل مطلوب ومستحب، فإن قهر الغرائز وكبتها هو من يوقع الإنسان في الأمراض النفسية، ويجعله عرضة للعقد والاضطرابات والإحساس بالقهر والظلم، ويحيي اللاوعي الاضطهادي عنده، وليس إشباع الغرائز ما يسبب ذلك.
     وبالتالي، عليك أن تزيلي من رأسك كل ما يوهمك أنك غير طبيعية، أو أن تصرفاتك غير منطقية، لأن أي إنسان طبيعي لديه حاجة جنسية تلح عليه، هذا إن كان يعيش في مجتمعات بدوية لا يلوح أمامه شيء من الإثارة، فكيف والحال أننا نعيش في عصر الفضائيات، والفيديو كليبات، والفايس بوك، واليوتيوب، والمواقع اللاأخلاقية.

- ثانيا:

     لما كانت الحاجة الجنسية أمرا واقعيا وموجودا، لم يكن من الحكيم إهمالها، أو تحقيرها، فإنها كحاجة إنسانية قد فطرنا الله عليها، وأمرنا بإشباعها، ستعمل على الدفاع عن نفسها بطرق مختلفة، فالغضب غير المبرر، والشرود الذهني، والتوتر العصبي، والأرق، وفقدان الشهية، أو الشره... كل هذه أمور تسعى النفس من خلالها أن تنفس عن متطلباتها أو تعلن رفضها لمظلوميتها في أن تسجن، أو على الأقل هي طريقة لتصرخ بوجه الجاهل الممعن في كبتها وخنقها.
     وبالتالي: لا تتجاهلي هذه الحاجة، بل قولي أنك محتاجة لإشباع هذه الرغبة، سواء أمام زملاء موثوقين، أو إخوة تطمئنين لبثِّ ما يعتريك أمامهم، أو على الأقل قولي ذلك لنفسك في غرفتك، قولي: "أنا إنسانة طبيعية، عندي حاجة جنسية، ومن واجبي وحقي أن أشبعها". وهكذا تتصالحين مع ذاتك، وتخبرين نفسك أنك تحترمين رغبتها، وتسعين جاهدة لإشباعها. هنا ستكون النفس حليفتك، وستنتظر منك ما وعدتها به، ولن تعمل على أذيتك، وأخذك إلى أماكن شاذة.

- ثالثا:

     لما كان الإسلام دين الفطرة، كان لزاما على شريعتنا السمحاء، أن تشرِّع ما ينسجم مع الحاجة الإنسانية. لذلك حبب الله إلينا إشباع الغريزة الجنسية، من خلال حثنا على الزواج، الذي هو المظهر الإنساني والحضاري لعلاقة الرجل بالمرأة، والساحة الطبيعية لزرع بذورنا.
     وبالتالي: الإسلام ينسجم مع تطلعاتك، ولا يعارضك، وإنما شرّع لنا نظاما اجتماعيا يتلاءم مع رقيِّنا الإنساني، ويميزنا عن العالم الحيواني، فلا يخفى على العاقل الرشيد، أن مشهد اللاعب بنفسه؛ أي الممارس للعادة السريّة، لا يمت إلى الصورة الإنسانية بصلة.
     إذن رغبتك أختي الكريمة منسجمة مع الدين، فأخبري نفسك بذلك قائلة: يا نفسي إن الإسلام العظيم يتفهمك، وقد شرع الزواج لإشباعك بما يليق بشأني وشأنك".

- رابعا:

     إذا لم يتقدم رجل لخطبتك، فلا ضير من أن تلوحي أو تلمحي لرجل متدين عاقل برغبتك بالزواج، وهذا لا يهدر كرامتك بالمنظور الإسلامي والقرآني الذي علمنا كيف أن الرجل يزوج ابنته، كما فعل شعيب النبي مع النبي موسى (عليهما السلام)؛ حيث قال تعالى: >إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين< القصص: 27. كما علمنا أنه لا ضير أن تعبر المرأة عن إعجابها برجل، كما عن لسان ابنة شعيب (عليه السلام): >يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين< القصص: 28. ولم يقدح هذا التعبير الصادق عن ميول النفس بحياء هذه البنت ربيبة الأنبياء، فقال تعالى في حقها: > فجاءته إحداهما تمشي على استحياء< القصص: 25.الق تمشي 
     فاطلبي الزواج إن لم يطلبك، واعلمي أن أجرك على ذلك أجر الشهداء بإذن الله.

- خامسا:

     لم يتوفر الزوج الدائم لا تصريحا ولا تلميحا، هنا لم تقف الشريعة الإسلامية مكتوفة الأيدي، بل شرعت نظاما استثنائيا آخر، يتلاءم مع العجز المادي وغيره عن الزواج الدائم. فدعت الشريعة إلى الزواج المؤقت، وهو زواج مارسه النبي والأصحاب والأئمة بلا خلاف بين المسلمين. >فَما اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجورَهُنَّ فَرِيضَةً< سورة النساء: 24.
     ولا يختلف عن الزواج الدائم إلا في أمور:
     1- تحديد المدة في المؤقت دون الدائم.
     2- لا يجب على الزوج أن ينفق على زوجته في الزواج المؤقت دون الدائم.
     3- لا توارث بينهما في المؤقت دون الدائم.

     4- عدة الطلاق من الزواج الدائم ثلاثة طهور، بينما عدة انتهاء مدة الزواج المؤقت حيضتان كاملتان.
     وفيما عدا ذلك لا يختلف الزواج الدائم عن المؤقت، سواء في صيغة العقد، أو المهر، أو إذن الولي.

- سادسا:

     لم تجدي زواجا دائما، ولا مؤقتا، هنا يرد قوله تعالى: >ولْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ< سورة النور، 33.
فعفي فرجك أختي الكريمة عن مثل هذه الأفعال التي تشينك وتهينك وتحط من قدرك كإنسانة قبل كل شيء، وكأمراة وهبها الله رحمًا، وجعله معملا للخلق والتكوين، وسبحان الله الخلاق العظيم.


     وفي مرحلة التعفف هذه ننصحك بالتالي:
     1- غضي البصر، فلا تشاهدي ما يثيرك ويحرك غرائزك، ولا تستمعي لأحاديث المتزوجات أو غيرهن من الأحاديث المثيرة، فتكوني معينة لنفسك الأمارة على أن تفتك بك. قال (صلى الله عليه وآله وسلم): "نِعم صارف الشهوات غض الأبصار".
     2- لا تكثري من الطعام والشراب، حتى لا تشتد القوى الشهوانية عندك.
     3- لا تختلي بنفسك، وإنما ابقيها بين الأهل والأحبة.
     4- مارسي الرياضة لتوجيه طاقتك لبنيتك الجسدية من جهة، وللتخفيف من نوبات الاكتئاب التي تخل بتوازن العقل ومركز الحكم في النفس.
     5- استمعي واقرئي سيرة المعصومين والصالحين، ليساعدك ذلك على اشتداد القوة الروحية.
     6- أكثري من قراءة سورة النور فإنها تعينك على التعفف. وأكثري من ذكر يا "مميت" فإنه يميت الشهوة. وأكثري من ذكر هادم اللذات، وهو الموت.
     7- تذكري أن العادية السرية لا تمنحك سوى متعة لحظات، وبالتالي لا تستأهل أن تعصي الله، ولا أن تحقري نفسك من أجلها.
     8- توكلي على الله، وثقي بأنه لن يتركك، وسيعوضك صبرك في الدنيا والآخرة، >فإن الله لا يضيع أجر المحسنين< سورة التوبة: 120.

ثم اكتبي في غرفتك وعلى جدار قلبك هذه الحكمة الواردة عن إمامنا الجواد (عليه السلام):
"توسد الصبر، وارفض الشهوات، وخالف الهوى، واعلم أنك لا تخلو من عين الله، فانظر كيف تكون".

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.



 
 


الصفحة الرئيسية

د. السيد حسين الحسيني

المؤلفات

أشعار السيد

الخطب والمحاضرات

البحوث الفقهية

البحوث العقائدية

البحوث الأخلاقية

حوارات عقائدية

سؤال واستخارة

فتاوى (عبادات)

فتاوى (معاملات)

سيرة المعصومين

أسماء الله الحسنى

أحكام التلاوة

الأذكار

أدعية وزيارات

الأحداث والمناسبات الإسلامية

     جديد الموقع :



 كَبُرْتُ اليوم

 الاستدلال بآية الوضوء على وجوب مسح الرجلين

 العدالة

 السعادة

 قوى النفس

 البدن والنفس

 تلذُّذ النفس وتألمها

 العبادة البدنية والنفسية

 العلاقة بين الأخلاق والمعرفة

 المَلَكَة

     البحث في الموقع :


  

     ملفات عشوائية :



 مجهول المالك رد الظالم

 ذات عادة وقتية عددية لم تر الدم في وقتها

 للإظهار

 كيفية الوضوء

 التحريم بالزنا والعقد ووطء الشبهة

 توحيد الله تعالى 1

 الدولة والضرائب والراتب

 الزواج والحاجة الجنسية

 زيارة أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) يوم الأحد

 الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليهما السلام)

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية
  • أرشيف المواضيع
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

Phone : 009613804079      | |      E-mail : dr-s-elhusseini@hotmail.com      | |      www.dr-s-elhusseini.net      | |      www.dr-s-elhusseini.com

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net