﴿ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴾
 
 

 سِماتُ الحُسين 

القسم : محاضرات عاشورائية   ||   التاريخ : 2011 / 01 / 28   ||   القرّاء : 15825

التسمية:

          كما سمى الحق سبحانه الحسن  (عليه السلام)، سمى الحسين  (عليه السلام)، وهما اسمان من أسماء أهل الجنة، لم يكونا في الجاهلية. أما علة التسمية، فيقول (صلى الله عليه وآله وسلم): "سَمّى هارونُ ابنيه شَبَرًا وشُبَيْرًا, وإنّي سَمَيتُ ابنَيَ الحسنَ والحُسَيْنَ بما سمّى به ابنيه: شَبَرًا، وشُبَيْرًا".

إنّ الرسولَ إذْ يعلّلُ تسمية الحسن والحسين، بما فعله هارونُ  (عليه السلام)، يذكِّر بما لاسم هارون من ربطٍ بشأن أبي الحسن والحسين، وما جاء عن الرسول من حديث المنزلة؛ حيث قال لعلي  (عليه السلام): "أنت منّي بمنزلة هارونَ من موسى، إلاّ أنّه لا نبيَ بعدي، إنه لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي". وقد خرّج هذا الحديث بعض الحفَّاظ من خمسمائة طريق، وهو من المتواترات المسلمة عند الفريقين.

فإذا كان عليّ بمنزلة هارون في الخلافة، والوزارة، فليكن اسما ابنيه كاسمي ابني هارون، ليدلاّ على التنزيل منزلته في جميع الشؤون، بلا استثناء سوى النبوّة التي ختمت بالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).

كنيته:

          اتفق المؤرخون على أن كنيته (أبو عبد الله)، ولم يكنَّ بغيرها، وإنما كان يكنى الصغار في صغرهم بكنى قد تتطابق مع اسم ولدهم البكر، وقد لا تتطابق. والتكنية من السنن الثابتة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)؛ قال أبو جعفر الباقر  (عليه السلام): "إنا لنكني أولادنا في صغرهم مخافة النبز أن يلحق بهم".

ألقابه:

(سبط رسول الله)، كما يذكر ذلك ابن عساكر. و (سيّد شباب أهل الجنّة)، وهذا اللقب مأخوذ من حديثه (صلى الله عليه وآله وسلم) لما قال في الحسين وفي أخيه الحسن  (عليهما السلام): "الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة". و(ريحانة رسول الله)، كما ذكر ابن  عساكر، وكما ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): "الحسن والحسين ريحانتاي في الدنيا". ولورد الريحان عطره الجميل الذي يشبه القرنفل، حتى أن رائحة ساق الريحان أطيب من ورقه.

عائلته وفضله:

أمّا الهالةُ التي تكتنفُ الحسين  (عليه السلام) من طرفي أُمّه وأبيه، وما لتلك العائلة الكريمة من الشرف في النسب والحسب فلنقرأ عنها الحديث: عن ربيعة السعدي، قال: لمّا اختلف الناس في التفضيل، رحلتُ راحلتي، وأخذتُ زادي حتّى دخلتُ المدينة، فدخلتُ على حُذيفة بن اليمان، فقال لي: ممّن الرجلُ? قلتُ: من أهل العراق. فَقال: من أيّ العراق? قلتُ: رجل من أهل الكوفة. قال: مرحباً بكم، يا أهل الكوفة. قلتُ: اختلف الناسُ في التفضيل، فجئتُ لأسألك عن ذلك? فقال لي: على الخبير سَقَطْتَ، أما إنّي لا أحدّثك إلاّ بما سمعتْهُ أُذنايَ ووعاهُ قلبي وأبصرتْه عيناي: خرج علينا رسولُ (صلى الله عليه وآله وسلم) -كأنّي أنظر إليه كما أنظر إليك الساعة- حاملَ الحسين بن عليّ على عاتقه -كأني أنظر إلى كفّه الطيّبة واضِعَها على قدمه يُلصقها بصدره- فقال: يا أيّها الناسُ، لأعرفنّ ما اختلفتم -يعني في الخيار- بعدي. هذا الحسينُ بن عليّ خير الناس جدّاً، وخير الناس جدّةً؛ جدّه مُحمّدٌ رسول الله، سيّد النبيّين، وجدّته خَديجة بنت خويلد، سابقة نساء العالمين إلى الإيمان بالله ورسوله. هذا الحسينُ بن عليّ؛ خير الناس أبًا، وخير الناس أُمًّا؛ أبوه عليّ بن أبي طالب، أخو رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ووزيرُه، وابن عمّه، وسابق رجال العالمين إلى الإيمان بالله ورسوله. وأُمّه فاطمة بنت محمّد، سيّدة نساء العالمين. هذا الحسينُ بن عليّ؛ خيرُ الناس عمًّا، وخير الناس عمّةً؛ عمّه جعفر بن أبي طالب، المزيَّن بالجناحين يطيرُ بهما في الجنّة حيثُ يشاء، وعمّته أُمّ هانئ بنت أبي طالب. هذا الحسين بن عليّ؛ خير الناس خالاً، وخير الناس خالةً، خالُهُ القاسمُ بن محمّد رسول الله، وخالته زينب بنت محمّد رسول الله. ثمَ وضعه عن عاتقه، فدرج بين يديه، وحَبا. ثم قال: يا أيّها الناس! هذا الحسين بن عليّ، جدّه وجدّته في الجنّة، وأبوه وأُمّهُ في الجنّة، وعمّه وعمّتهُ في الجنّة، وخاله وخالته في الجنّة، وهو وأخوه في الجنّة. إنّه لم يُؤْتَ أحدٌ من ذرّيّة النبيّين ما أُوتي الحسين بن عليّ ما خلا يوسف بن يعقوب".

المظاهر الخَلْقية:

          كان الحسين (عليه السلام) يُشبَّهُ بجدّه الرسول في الخِلْقة واللونِ، ويقتسمُ الشَبَهَ به (صلى الله عليه وآله وسلم) مع أخيه الحَسَن  (عليه السلام). ولا غَرْوَ ، فهما فِلقتان من ثمرةٍ واحدة، من شجرة واحدة. ويحدث عبد الرحمن بن عوف عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قائلا: ألا تسألوني قبل أن تشوبَ الأحاديثَ الأباطيلُ؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): " أنا الشجرة ، وفاطمة أصلها - أو فرعها - وعليّ لقاحها، والحسن والحسين ثمرتها، وشيعتنا ورقها، فالشجرة أصلها في جنّة عَدْن، والأَصل والفرع واللقاح والثمر والورق في الجنّة".

          لقد اقتسم الحسن والحسين  (عليهما السلام) شبه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)؛ ليكون وجودهما ذكرى، وعبرة استمرارًا لوجود النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) في العيون، مع ذكرياته في القلوب، وأثره في العقول. وعبرةً للتاريخ، يتمثّل فيه للقاتلين حسينًا، والضاربين بالقضيب ثناياه، أنهم يقتلون الرسول ويضربون ثناياه. ولقد أثار ذلك الشَبَهُ خادِمَ الرسول: أنسَ بن مالك لَمّا رأى قضيبَ ابن زياد -حين أُتي برأس الحسين- يَعْلو ثنايا أبي عبد الله الحسين، فجعلَ ينكتُ فيها بقضيب في يده، فقال أنس: "أما إنّه كانَ أشبههما بالنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)".       ولله دره السيد صالح مهدي بحر العلوم حينما قال:

            أروحك أم روح النبوة تصـعد                 من الأرض للفردوس والحور سجد

ورأسك أم رأس الرسول على القنا         بآية أهل الكهف راح يردد

وأيُّ ذبيح داست الخيل صدره                وفرسانها من ذكره تتجمد

ألم تك تدري بأن روح محمد                   كقرآنه في سبطه متجسد
فلو علمت تلك الخيول كأهلها                بأن الذي تحت السنابك أحمد [1]
لثارت على فرسانها وتمردت                   عليهم كما ثاروا بها وتمردوا



[1]  السُّنْبُك: طرف الحافر.



 
 


الصفحة الرئيسية

د. السيد حسين الحسيني

المؤلفات

أشعار السيد

الخطب والمحاضرات

البحوث الفقهية

البحوث العقائدية

البحوث الأخلاقية

حوارات عقائدية

سؤال واستخارة

فتاوى (عبادات)

فتاوى (معاملات)

سيرة المعصومين

أسماء الله الحسنى

أحكام التلاوة

الأذكار

أدعية وزيارات

الأحداث والمناسبات الإسلامية

     جديد الموقع :



 كَبُرْتُ اليوم

 الاستدلال بآية الوضوء على وجوب مسح الرجلين

 العدالة

 السعادة

 قوى النفس

 البدن والنفس

 تلذُّذ النفس وتألمها

 العبادة البدنية والنفسية

 العلاقة بين الأخلاق والمعرفة

 المَلَكَة

     البحث في الموقع :


  

     ملفات عشوائية :



 التلقـين

 النظر إلى من يريد الزواج منها

 زيارة الجامعة الكبيرة

 بين المسيح والحسين (عليهما السلام)

 لماذا لا يجوز تعدد الأزواج للمرأة

 كيفية الصلاة

 الإعراض عن الوطن

 حاجب الغسل

 لأخذ المصحف وتلاوة القرآن

 أحكام النون والميم المشددتين والغنة

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية
  • أرشيف المواضيع
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

Phone : 009613804079      | |      E-mail : dr-s-elhusseini@hotmail.com      | |      www.dr-s-elhusseini.net      | |      www.dr-s-elhusseini.com

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net