زيارة القبور:
وهي من امتيازات الإماميّة عملا بوصايا الأئمّة عليهم السّلام ، وليس في ذلك شِرْكٌ البتّة ؛ إذ أنّ غاية المراد التّسليم على محمّد وآله( عليهم الصلاة والسلام)، وتجديد البيعة لهم ، وتذكّر مآثرهم ، وتقوية رابطة المحبّة بهم .
أمّا بالنسبة لغيرهم من الأصحاب والأولياء والصّلحاء والشّهداء ، فَمِمّا لا شكّ فيه أنّ الميْت ينتفع بزيارة قبره ، والذي يكون روضة من الجنّة ، أو حفرة من النّار ، وذلك لِما يجده من أنس قراءة القرآن ، والدّعاء والتسبيح ، والتّقديس عنده ، وذِكْرُ الله حَسَنٌ على كلّ حال . وكما أنّ المُزار ينتفع من هذه الجهة ، فالزَّائر لاريب كذلك ، فإنّ مجرد إنعام النّظر في القبور ، يبعث في النّفس الحقائق التي قد تخفى عنه في ملاهي هذه الدّنيا الفانية ، فينتبه من غفلته حينما يتذكّر مُنْتَهَى هذه الدّار .
وهذا ما انتهجته المتشرّعة ، وأفادته الرّوايات ، ولا نحظى بنكيره ، إلا مَن ساقه الضّلال ، وأعماه الجهل مِمَّن استسهل تكفير المسلمين ، واستصغر هَدْر دمائهم ، أعني بذلك ابن تيميّة الحرّانيّ (1)، ومَن حذا حذوه ، فإنّ هؤلاء أساؤوا لحضرة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) لدرجة أنّهم أفتَوا بحرمة زيارة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وعدُّوا السّفر إليه معصية لا تقصر الصلاة فيه .
ولا يخفى على أُولي الألباب الذين يميّزون القشر من اللباب ، أنّ هاته الفتاوى هي التي ذهبت بعقول المدّعين للإسلام الذين طفقوا يفجّرون أنفسهم لقتل الشّيعة في كلّ من باكستان ، وأفغانستان ، والعراق ، لا سدَّد الله ضربتهم ، وأعمى أبصارهم وبصائرهم ، وأذلّهم من حيث يحتسبون ، ولا يحتسبون .
_____________________
(1) " ابن تيميّة " أحمد بن عبد الحليم بن عبد السّلام بن عبدالله بن أبي القاسم الخضر النميريّ الحرّانيّ الدّمشقيّ الحنبليّ ( 661-728 هـ : 1263-1328م ) .
|