صفات الله تعالى:
لمّا فَرَغْنَا من إثبات الذّات ، نَشْرَعُ في إثبات بعض صفاتها الإيجابيّة والسلبيّة ، فنقول : ← صفات الله تنقسم إلى قسمين : أوّلا : صفات كماليّة (1) ثبوتيّة (2)، وهي بدورها تنقسم إلى قسمين : 1- حقيقيّة : " ما تكفي الذّاتُ في انتزاعها " ؛ كالقدرة والعلم والحياة والألوهيّة ... 2- إضافيّة فِعليّة : " هي المنتزعة من علاقة -أو إضافة- بين الله تعالى وموجود آخر غير الذّات في مقام الفعل " ؛ كالخالقيّة ، والرّازقيّة ، والتقدّم والعليّة ... ؛ فالخالقيّة منتزعة من الإرتباط بين الذّات والمخلوقات ، والرّازقيّة منتزعة من الإرتباط بين الذّات والمرزوقات ، وهكذا . والصّفات االإضافيّة الفعليّة مَرَدُّها إلى صفة حقيقيّة وهي "القيّوميّة " التي تعني أنّ كلَّ شيء قائم به وإليه .
ثانيا : صفات جلاليّة (3) سلبيّة (4): مثل أنّه تعالى ليس بجسم ، ولا يُرى ، ولا وزن له ... وكلّ هذه الصّفات ترجع إلى واحدة ، وهي سَلْب الإمكان ، والتي بدورها تعود إلى صفة حقيقيّة ، وهي وجوب الوجود .
فالصّفات الحقيقيّة متقوِّمة بالذّات المقدّسة وهي -أي الذّات- مصداقُها ، بينما الإضافيّة تتقوّم بطرفيها ؛ وهي غير موجودة في الخارج ، وإنّما الموجود الطرفان .
صفات الواجب تعالى عين ذاته :
إنّ صفاتِه تعالى عينُ ذاته والدّليل على ذلك : ◄ إنّها لو لم تكن كذلك لكانت زائدة عليه ، ولازم ذلك تَرَكُّبه منها ومن ذاته ، والتركيب منافٍ لوجوبه ؛ إذ إنّ التركيب -كما سيتّضح في الصّفات السلبيّة- مُسَاوِقٌ للإمكان لِما فيه من الإحتياج ؛ فبديهيّ أنّ المركّب يحتاج إلى أجزائه حتى يتحقّق ويتشكّل ، والمحتاج لا يكون واجبا .
◄ لو كانت صفاتُه الواجبةُ الوجود مغايرةً لذاته في الوجود ، لزم تعدّد الواجب ، وهوباطل لما سيأتي في برهان التوحيد .
فيثبت بذلك أنّ صفاته عينُ ذاته لا زائدة عليه ، فإذا أثبتنا كونه عالِما ، فهذا يعني أنّ صفة العلم عين ذاته ، وكذلك بالنسبة للقدرة وغيرها ؛ فالواجب عالم من حيث هو قادر ، وقادر من حيث هو عالم ، وهكذا بالنسبة لبقيّة الصفات ؛ نعم هي مختلفة في معانيها ومفاهيمها ، ولكنّها واحدة في وجودها وحقائقها فقد اتّحدت صفاتُه لوجوبه ، وانْشَطَرَتْ الألفاظُ لعَجْزٍ عَنْ كُنْهِ وُجُودِه ، فَتَعَدَّدَت وهو الواحِدُ الأحَد ، وتَكَثَّرَت وهو الفَرْدُ الصَّمَد .
_____________________
(1) تُسمّى صفات الكمال والجمال لدلالتها على كمال الذّات وجمالها . (2) سمّيت " ثبوتيّة " لأنّها تُثبِت صفاتٍ معيّنة لله تعالى . (3) سمّيت كذلك لأنّ الواجب يجِلُّ عنها ؛ أي يتنـزّه ويترفّع . (4) سمّيت " سلبيّة " لأنّها تسلب أي تنفي صفاتٍ معيّنةً عن الله تعالى .
|