الله عالِم :
- الواجبُ تعالى فَعَل الأفعالَ المُحْكَمَةَ المُتْقَنَةَ (صُغرى) . - وكلُّ مَن فَعَلَ الأفعالَ المُحْكَمَةَ المُتْقَنَةَ عَالِمٌ (كُبرى) . » إذن الواجبُ تعالى عَالِمٌ (النتيجة) .
← أمّا أنّه فعلَ الأفعالَ المُحْكَمَةَ المُتْقََنَةَ فهو ظاهرٌ لِمَن تدبَّرَ مخلوقاتِه من تَنْضِيدِ (1) الكواكبِ وتنظيمِ حركتِها ، وما يَظهَرُ في العناصر الأوّليّةِ وخواصِّها العجيبة ، وغيرِها من الأمور المبيِّنَةِ لفَنِّه (2). ولو عادَ الإنسانُ إلى نفسِه ودِقَّـةِ خَلْقِهِ لكفى (3).
← أمّا أنَّ كلَّ مَن فَعَلَ الأفعالَ المُحْكَمَةَ المُتْقََنَةَ عَالِمٌ ، فهو بديهيٌّ لِمَن زَاوَلَ الأمورَ وتَدَبَّرَها ؛ إذ لا رَيْبَ أنّ العِلمَ بلا قدرةٍ عَجْزٌ واحتياجٌ ، والواجبُ تعالى ليس كذلك (4)، والقدرةُ بلا عِلمٍ عَبَثٌ ، وقد تبيَّنَ نَقيضُ هذا (5).
وإذا تَبَيَّنَت صِحَّةُ الصُغرى والكُبرى ، ثَبَتَ عِلْمُهُ وهو المطلوب .
علمه يتعلّق بكلِّ معلوم :
إنَّ الدَّليلَ في البَيْنِ مثيلُ ما ذكرناه في تعلّق قدرتِه بجميع المقدورات ؛ فإذا أثبتنا أنَّ الله َتعالى عالِمٌ ، فيكونُ عالِمًا بكلِّ المعلوماتِ على حَدٍّ سواء الممكنِ منها والواجبِ (6) وفي جميع حالاتها ؛ فالمقتضي لِعِلمِه بالمعلومات هي ذاتُه المقدَّسة ، والمقتضي لكونِ هذه المعلوماتِ معلومةً إمكانُها ، وذاتُه تعالى مُجَرَّدَةٌ ، إذن نِسبة تعلّق علمِها بالجميع متساويةٌ ، كما إنّ الإمكانَ مُشتَرَكٌ بين الجميع . وإذا وُجِدَ المُقتضي وانتفى المانع وَجَبَ التعلّق .
واعلم أنّه إذا صَحَّ أنْ يعلمَ الواجبُ تعالى كلَّ معلومٍ وَجَبَ له ذلك ؛ لأنّ عِلمَه عينُ ذاته (7)؛ فيكون واجبا مثلَه . وعلمُه واجِبٌ بالذّات وهو من صفاته الذاتيّة ، فإذا لم يَتَّصِف به ، اتَّصَفَ به غيرُه ، فيكون الواجبُ تعالى حِينَها مُفتَقِرًا لغيره في تحقيق صفاته الذاتيّة ، وهو مُحَال ؛ لِمُنَافَاةِ الافتِقَارِ الوجوبَ . _____________________
(1) تنضيد : تنسيق . (2) >قُلْ سِيرُوا في الأرضِ فانظروا كيفَ بَدَأ الخَلْقُ ...< سورة العنكبوت الآية : 20 . (3) - >سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا في الآفَاقِ وفي أنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أنَّهُ الحَقُّ ...< سورة فصِّلت الآية : 53 . - قال (ص) : " من عَرَفَ نَفْسَهُ فَقَد عَرَفَ رَبَّه " . بحار الأنوار ج 2 : 32 / ط . مؤسّسة الوفاء . (4) لما ذكرناه من أنّ الاحتياج والفقر سِمَة الممكنات لا الواجب لذاته. (5) من إحكام وإتقان صُنعِهِ . (6) فيكون عالما بنفسه . (7) كما مرَّ تحت عنوان : " صفات الواجب عين ذاته " .
|