الرحمن الرحيم:
قال الشهيد رحمه الله: هما اسمان للمبالغة من رحم، كغضبان من غضب وعليم من علم، والرحمة لغة: رقّة القلب وانعطاف يقتضي التفضل والإحسان، ومنه: الرحم، لانعطافها على ما فيها، وأسماء الله تعالى إنّما تؤخذ باعتبار الغايات التي هي أفعال دون المبادىء التي هي انفعال. وقال صاحب العدّة: الرحمن الرحيم مشتقّان من الرحمة وهي النعمة، ومنه: >وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين<؛ أي: نعمة، ويقال للقرآن رحمة وللغيث رحمة، أي: نعمة، وقد يتسمّى بالرحيم غيره تعالى ولا يتسمّى بالرحمن سواه، لأن الرحمن هو الذي يقدر على كشف الضر والبلوى، ويقال لرقيق القلب من الخلق: رحيم، لكثرة وجود الرحمة منه بسبب الرقة، وأقلها الدعاء للمرحوم والتوجع له، وليست في حقّه تعالى كذلك، بل معناها إيجاد النعمة للمرحوم وكشف البلوى عنه، فالحدّ الشامل أن تقول: هي التخلص من أقسام الآفات، وإيصال الخيرات إلى أرباب الحاجات.
وفي كتاب الرسالة الواضحة: أنّ الرحمن الرحيم من أبنية المبالغة، إلاّ أنّ فعلان أبلغ من فعيل، ثم هذه المبالغة قد توجد تارة باعتبار الكمّية، واُخرى باعتبار الكيفية: فعلى الأول قيل: يا رحمن الدنيا ـ لأنّه يعمّ المؤمن والكافر ـ ورحيم الآخرة لأنه يخص الرحمة بالمؤمنين، لقوله تعالى: >وكان بالمؤمنين رحيمًا<.
وعلى الثاني قيل: يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيم الدنيا، لأنّ النعم الاُخروية كلّها جسام، وأمّا النعم الدنيوية فجليلة وحقيرة.
وعن الصادق (عليه السلام): الرحمن اسم خاصّ بصفة عامة، والرحيم اسم عامّ بصفة خاصة.
وعن أبي عبيدة: الرحمن ذو الرحمة، والرحيم الراحم، وكرر لضرب من التأكيد.
وعن السيد المرتضى (رحمه الله): أن الرحمن مشترك فيه اللغة العربية والعبرانية والسريانية، والرحيم مختصّ بالعربية.
قال الطبرسي: وإنّما قدّم الرحمن على الرحيم، لأن الرحمن بمنزلة الاسم العلم، من حيث أنه لا يوصف به إلاّ الله تعالى، ولهذا جمع بينهما تعالى في قوله: >قلِ ادعوا اللهَ أو ادعوا الرحمنَ<. فوجب لذلك تقديمه على الرحيم، لأنه يطلق عليه وعلى غيره.
|