في وجوب كون المعصومين (عليهم السلام) مُنَـزَّهين عن دَناءة الآباء وعَهْرِ(1) الأمَّهات:
" لمّا كان المطلوب من الخَلق هو الانقياد التّامّ للنبيّ وإقبال القلوب عليه ، وجب أن يكون متّصفًا بأوصاف المَحَامِد ؛ من كمال العقل والذّكاء والفِطنة وعدم السّهو وقوّة الرأي والشهامة والنّجدة والعفو والشجاعة والكرم والسّخاوة والجود والإيثار والغيرة والرأفة والرحمة والتواضع واللين وغير ذلك ، وأن يكون منـزَّها عن كلّ ما يوجب التَنْفِير عنه ، وذلك إمّا بالنسبة إلى الخارج عنه ، كما في دناءة الآباء وعَهْرِ الأمّهات (2)، وإمّا بالنسبة إليه ، فإمّا في أحواله ، كما في الأكل على الطريق ومُجَالسَة الأراذل ، وأن يشتغل في صَنعة حقيرة . وإمّا في خُلُقِهِ كالحقد والجهل والخمود والحسد والفظاظة والغِلظة والبخل والجبن والحِرص على الدنيا والإقبال عليها ومراعاة أهلها ومعافاتهم في أوامر الله وغير ذلك من الرذائل . وإمّا في خَلْقِهِ كالبرص والجذام والجنون والبكم والبله والحَوَل، لِمَا في ذلك كلّه من النقص الموجب لسقوط محلِّه من القلوب " (3)، وبالتالي نقض الغرض وهو محال .
_____________________
(1) العَِهر بفتح العين وكسرها الفجور .
(2) وأدمغ شاهدٍ على ذلك ما لاقته السيدة مريم عليها السلام من قومها عندما أتت إليهم تحمل ابنها حيث سرعان ما استنكروا عليها ذلك ناسبينها مباشرة إلى أصلها وآبائها بل إلى أجدادها الصالحين ، فقالوا : ﴿ يا أختَ هارونَ ما كانَ أبوكِ امْرَأ سَوْءٍ وما كانت أمُّك بَغِيًّا ﴾ سورة مريم الآية : 28 . وكذلك "بنيامين " أخو يوسف عليه السلام عندما اتُّهِمَ بالسَّرقة ، فقد عزا ذلك إخوتُه إلى نَسَبِه من أخيه الذي اتُّهِم من قبله ، فقالوا : ﴿... إنْ يَسْرُقْ فَقَدْ سَرَقَ أخٌ لَه مِن قَبل ... ﴾ سورة يوسف الآية : 77 .
(3) " النافع يوم الحشر " صفحة 39 / انتشارات آستان قدس رضوي .
|