﴿ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴾
 
 

 هل الله يغفر للقاتل المتعمد؟ 

القسم : متفرقات قرآنية   ||   التاريخ : 2025 / 02 / 21   ||   القرّاء : 234

🔴 هل الله يغفر للقاتل المتعمد؟
في البدايةِ ينبغي التنبيهَ إلى أنَّ الإسلامَ حَرَّمَ تحريمًا مُغَلَّظًا القتلَ بغيرِ حقٍّ لأيِّ نفسٍ مسلمةً كانت أم لا، مؤمنةً أم لا؛ فقال (عزَّ من قائل): {... مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا... (٣٢)} [المائدة]
إذا عَرَفْنَا ذلك، فنرجعُ إلى محلِّ البحثِ، وهو هَلْ القاتلُ المتعمِّدُ يُغْفَرَ له؟
والجوابُ:
قالَ تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا (٤٨)} [النساء]. 
هذه الآيةُ المباركةُ تنصُّ بوضوحٍ على أنَّ اللّٰه تعالى يغفرُ كلَّ الذنوبِ لِمَنْ يشاءُ إلا ذنبًا واحدًا ألا وهو الشِّرْكُ باللّٰهِ (عزَّ وجلَّ).
ولقائلٍ أنْ يقولَ:
ولكنَّ ثمَّة آيةً تنصُّ على أنَّه مَنْ قتلَ مؤمنًا متعمدًا بغيرِ حقٍّ هو مُخَلَّدٌ في النارِ، والخالدون في النارِ غيرُ مغفورٍ لهم؟! قالَ تعالى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (٩٣)} [النساء]. 
وجوابُه:
المقصودُ في هذه الآيةِ خصوصُ مَنْ يستحلُّ قَتْلَ المؤمنين بغيرِ حقٍّ مع اعتقادِه جوازَ ذبحِهم وتقتيلِهم؛ أي أنَّه يقتلُهم لإيمانِهم، وليس المرادُ أنَّ المؤمنَ إذا قتلَ مؤمنًا بغيرِ اعتقادِ تسويغِ قتلِ المؤمنين يُخَلَّدُ في النارِ. هذا ما جاءَ في التفاسيرِ.
ومَنِ الأدلةِ على أنَّ المؤمنَ قد يقعُ منه جُرْمُ القتلِ ظلمًا دونَ استحقاقِ الخلودِ في النارِ رغمَ عِظَمِ هذا الذنبِ وخطرِه، وبالتالي أنَّه غيرُ معصومٍ عَنْ هذه المعصيةِ العظيمةِ:
- أوَّلًا:
تَسَالُمُ الفقهاءِ على أنَّ المؤمنَ إذا قَتَلَ عمدًا يُغَسَّلُ غُسْلَ المَيِّتِ - ويستحب ذلك قبلَ أنْ يُقامَ عليه الحدُّ-، وأنْ يُكَفَّنُ ويُحَنَّطُ ويُصلَّى عليه بعد قتلِه، ويُدْفَنُ في مقابرِ المسلمين، فلو كانَ مِنَ المُخَلَّدِين في النارِ، لَمَا وجبَ ذلك كلِّه، ولَمَا جازَ دَفْنُهُ في مقابرِ المسلمين. 
- ثانيًا:
حَقُّ وليِّ أمرِ المقتولِ المؤمنِ عمدًا بغيرِ حقٍّ أنْ يعفوَ عنِ القاتلِ؛ سواءٌ كان القاتلُ مؤمنًا أم لا؛ فإنَّ لوليِ الدمِّ أنْ يعفوَ عَنِ القاتلِ مُقابلَ دِيَتِهِ أو بغيرِ دِيَةٍ، أو أنْ يُطَالِبَ بإقامةِ الحدِّ عليه؛ قالَ تعالى: {... وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا... (٣٣)} [الإسراء].
إذًا، إنْ اقْتَصَّ وليُّ الدمِ مِنَ القاتلِ أو عَفَا عنه، فإنَّه لا يكونُ عليه ذنبٌ أمامَ العَفُوِّ سبحانه. قالَ تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ (١٧٨)} [البقرة]. 
ومِنْ مصاديقِه العظمى ما بين أعظمِ مقتولٍ أميرِ المؤمنين عليِّ بنِ أبي طالبٍ (عليهما السلام) الذي أمرَ ولدَه الإمامَ الحسنَ (عليه السلام) أنْ لا يقتلَ أشقى قاتلٍ، وهو عبدُ الرحمنِ بنُ مُلْجَمٍ، بل ينتظرُ حتى يستبينَ حالُه، فإنْ لم يمتْ بضربةِ ابنِ ملجمٍ فهو أحقُّ به بالتخييرِ بين العفوِ عنه أو إقامةِ الحدِّ عليه.
قالَ الإمامُ عليٌّ لولدِه الحسنِ (عليهما السلام): "إِنْ أنا مِتُّ، فَاقْتَصَّ مِنْهُ بِأَنْ تَقْتُلَهُ، وَتَضْرِبَهُ ضَرْبَةً وَاحِدَةً، وَلَا تُحْرِقْهُ بِالنَّارِ، وَلَا تُمَثِّلْ بِالرَّجُلِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ جَدَّكَ رَسُولَ اللّٰهِ يقولُ: إِيَّاكُمْ وَالمُثْلَةَ، وَلَوْ بِالكِلْبِ العَقُورِ. وَإِنْ أَنَا عِشْتُ، فَأَنَا أَوْلَى بِهِ (بِالعَفْوِ عَنْهُ)، وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَفْعَلُ بِهِ".
- ثالثًا:
نَصَّ القرآنُ الكريمُ على أنَّ المؤمنين قد يتعمدون قتلَ بعضِهم لشبهةٍ أو سوءِ اجتهادٍ أو ضغينةٍ ولكنْ لا لِعِلَّةِ الإيمانِ، وهذا لا ينفي عنهم صفةَ الإيمانِ رغمَ وصفِه لهم بالبُغَاةِ؛ قالَ تعالى: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ۖ فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ ۚ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا ۖ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [سورة الحجرات: 9]
➖➖➖➖➖➖➖
د. السيد حسين الحسيني 
واتساب: 009613804079



 
 


الصفحة الرئيسية

د. السيد حسين الحسيني

المؤلفات

أشعار السيد

الخطب والمحاضرات

فتاوى (عبادات)

فتاوى (معاملات)

البحوث الفقهية

بحوث فلسفية وأخلاقية

البحوث العقائدية

حوارات عقائدية

متفرقات

سؤال واستخارة

سيرة المعصومين

أسماء الله الحسنى

أحكام التلاوة

الأذكار

أدعية وزيارات

الأحداث والمناسبات الإسلامية

     جديد الموقع :



 هل يقال: أنا فاطر أم مغطر؟

 متلازمة ستوكهولم

 لماذا اختص الله شهر رمضان لنفسه

 طلاق الحامل

 سياسة الخنزير

 نشر الأحاديث مفطر

 رمضان مهبط الكتب السماوية

 كيف دعانا الله إلى الصوم

 سياسة الحمار والكلب

 آراء الفقهاء في رؤية الهلال

     البحث في الموقع :


  

     ملفات عشوائية :



 البسملة

 قل للمشكِّكِ

 النية في الصلاة

 مخارج الحروف

 طهارة لباس ومكان المصلي والستر

 بيَّضت صحيفة اعمالي

 ذو المعارج النور

 الأذان والإقامة

 المهيمن

 التطهير

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية
  • أرشيف المواضيع
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

Phone : 009613804079      | |      E-mail : dr-s-elhusseini@hotmail.com      | |      www.dr-s-elhusseini.net      | |      www.dr-s-elhusseini.com

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net