سَيَبْقَى الكَلْبُ فِي ظِلِّ الحَمِيرِ
إِذَا بَقِيَ النِّدَاءُ فِدَا الأَمِيرِ
فَلَا الكَلْبُ المُعَزَّزُ مَلَّ عِزًّا
وَلَا الجَحْشُ اسْتَفَاقَ مِنَ الشَّخِيرِ
فَيَا الوَطَنُ المُغَفَّلُ قُمْ سَرِيعًا
أَلَمْ تَسْتَكْفِ بِالعَيْشِ العَسِيرِ
سُقِيتَ الذُّلَ مِنْ كَأْسٍ عُبَابًا
كَأَنَّ صَدَاكَ مِنْ رَيِّ المَرِيرِ
وَيَحْكُمُكَ الأَرَاذِلُ بِامْتِهانٍ
وَيُدْرِكُهُ المُقَمَّطُ بِالسَّرِيرِ
أَتَأْنَسُ بِالخُضُوعِ إِلَى جَبَانٍ
يُحَرَّكُ بِالخُيُوطِ وَبِالصَّفِيرِ
تَعَلَّمْ كَيْفَ أَنَّ النَّحْلَ جَيْشٌ
يَذُودُ الشَّرَ عَنْ حَرَمِ القَفِيرِ
وَكَيْفَ النَّمْلُ يَنْتَفِضُ امْتِعَاضًا
يَرُدُّ الدَّوْسَ عَنْ جُحْرٍ صَغِيرِ
فَمَا يُثْنِيكَ عَنْ وَطَنٍ كَلِيمٍ
تُخَلِّصُ جَانِبَيْهِ عَنِ الشَّفِيرِ
كَمَا الفُرْسَانُ إِنْ بَصَرُوا اعْتِدَاءً
تَنَادَوا بِالبَسَالَةِ وَالنَّفِيرِ؟!
فَلَا تَثَّاقَلِ اليَوْمَ انْتِصَارًا
لِلُبْنَانَ المُكَبَّلِ كَالأَسِيرِ
وَأَرْزُ اللّٰهِ بُشْرَى كُلِّ حُرٍّ
بِآيِ الرَّبِّ إِنْبَاءُ الخَبِيرِ
...........................
📜 تحليل القصيدة
١. سَيَبْقَى الكَلْبُ فِي ظِلِّ الحَمِيرِ / إِذَا بَقِيَ النِّدَاءُ فِدَا الأَمِيرِ
وضعية الكلب المستلقي تحت ظل الحمار هي رمز للانتهازية والجهل، تدل على استمرار هيمنة المستبدين على الجهلاء أو المغفَّلين، ما دام الولاء الأعمى للحاكم قائما.
٢. فَلَا الكَلْبُ المُعَزَّزُ مَلَّ عِزًّا / وَلَا الجَحْشُ اسْتَفَاقَ مِنَ الشَّخِيرِ
تكملة للصورة السابقة، إذ يثبت أنَّ الفاسد المستفيد (الكلب المعزَّز) لا يترك امتيازاته، والجاهل المغفَّل (الجحش) لا يصحو من غفلته.
٣. فَيَا الوَطَنُ المُغَفَّلُ قُمْ سَرِيعًا / أَلَمْ تَسْتَكْفِ بِالعَيْشِ العَسِيرِ
انتقال من الهجاء إلى الخطاب المباشر للمواطنين ولكن بلسان الوطن باعتبارهم ساكنيه. والاستفهام الاستنكاري يدعو للاستفاقة من الغفلة ورفض المعاناة المستمرة.
٤. سُقِيتَ الذُّلَ مِنْ كَأْسٍ عُبَابًا / كَأَنَّ صَدَاكَ مِنْ رَيِّ المَرِيرِ
الوطن شُرِّب الذلَّ، والذلُّ لا يروي صدى - أي عطش - الكرامة الإنسانيَّة، فكأن هذه السقاية التي من شأنها أن تروي، هي نفسها التي سبَّبت عطش الوطن لأنَّها سقاية ذلٍّ ومرارة. التشبيه هنا يعمق الإحساس بالقهر.
٥. وَيَحْكُمُكَ الأَرَاذِلُ بِامْتِهانٍ / وَيُدْرِكُهُ المُقَمَّطُ بِالسَّرِيرِ
صورة تهكميَّة من الحاكم الجاهل أو عديم الخبرة، حتى المقمَّط في سريره (الطفل) يمكنه إدراك مهانته.
٦. أَتَأْنَسُ بِالخُضُوعِ إِلَى جَبَانٍ / يُحَرَّكُ بِالخُيُوطِ وَبِالصَّفِيرِ
استفهام استنكاري آخر، يصوِّر الحاكم كالدمية تُحرَّك بالخيوط، في إشارة للتبعيَّة وفقدان الإرادة والسيادة.
٧. تَعَلَّمْ كَيْفَ أَنَّ النَّحْلَ جَيْشٌ / يَذُودُ الشَّرَ عَنْ حَرَمِ القَفِيرِ
انتقال إلى المثل الطبيعي: (النحل) رمز الجماعة المنظَّمة والشجاعة في الدفاع عن الوطن (القفير)، مع استلهام معنى التضحية.
٨. وَكَيْفَ النَّمْلُ يَنْتَفِضُ امْتِعَاضًا / يَرُدُّ الدَّوْسَ عَنْ جُحْرٍ صَغِيرِ
تأكيد آخر بمثال (النمل)، رمز الصبر والعمل الجماعيِّ، الذي لا يقبل العدوان حتى على أصغر مأوى له.
٩. فَمَا يُثْنِيكَ عَنْ وَطَنٍ كَلِيمٍ / تُخَلِّصُ جَانِبَيْهِ عَنِ الشَّفِيرِ
خطاب تحريضيٌّ: ما الذي يمنعك أيها المواطن عن إنقاذ وطنك الجريح من حافَّة الخطر (الشفير). الصورة هنا تمزج بين الإحساس بالألم والتحريض على الإنقاذ.
١٠. كَمَا الفُرْسَانُ إِنْ بَصَرُوا اعْتِدَاءً / تَنَادَوا بِالبَسَالَةِ وَالنَّفِيرِ؟!
تشبيه مباشر بالفرسان، حيث يتداعَون لنجدة المظلوم. علامات الاستفهام والتعجب هنا تؤكد لهجة التحفيز.
١١. فَلَا تَثَّاقَلِ اليَوْمَ انْتِصَارًا / لِلُبْنَانَ المُكَبَّلِ كَالأَسِيرِ
دعوة صريحة لعدم التباطؤ في نصرة (لبنان) الأسير. الصورة تشبِّه الوطن بالمكبل المسلوب الحرية.
١٢. وَأَرْزُ اللّٰهِ بُشْرَى كُلِّ حُرٍّ / بِآيِ الرَّبِّ إِنْبَاءُ الخَبِيرِ
خاتمة تنضوي على الأمل بشهادة سماويَّة؛ فـ(الأرز)، رمز (لبنان)، بشارة لكلِّ حرٍّ، والآيات الإلهيَّة التي ذكرت (لبنان) بأبهى صورة في أكثر من سبعين آية من الكتاب المقدَّس، هي شهادة اللّٰه العليم الخبير بأنَّ النصر النهائيَّ سيكون من نصيب (لبنان).
➖➖➖➖➖➖➖➖
د. السيد حسين علي الحسيني
واتساب: 009613804079
|