القسم :
بحوث فقهية ||
التاريخ :
2011 / 10 / 26
||
القرّاء :
18915
|
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيد المرسلين محمد بن عبد الله وعلى آله العصومين. وبعد..
الندم لغة "غم يصيب الإنسان نتيجة وقوع فعل أو عدمه". فالندم إذًا كما يظهر من التعريف إما أن يكون على فعل شيء، أو تركه، وبالتالي تفويت المصلحة المترتبة على هذا الفعل. أولا: الندم على فعل، وهو إما أن يكون على فعل طاعة أو على فعل معصية. 1- أما الندم على فعل الطاعة، فقد يكون محبطا لأجر الطاعة هذه، إن كان كاشفا عن عدم تحقق قصد القربة إلى الله تعالى، ولا ينبغي وقوعه من المسلم، بل يبنغي شكر الله تعالى على توفيقه لفعل الخيرات. 2- وأما الندم على فعل المعصية، فهو واجب، فإن لم يحصل الندم عليه لم تقبل التوبة، كما ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام): "التوبة ندم بالقلب، واستغفار باللسان، وترك بالجوارح، وإضمار أن لا يعود". ومن قبيل ذلك الندم على صحبة أهل السوء كما في قوله تعالى: (يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا). ثانيا: الندم على تفويت فعل، وبالتالي تفويت المصلحة من ورائه، فإما أن تكون هذه المصلحة دنيوية أو أخروية. 1- أما الندم على تفويت مصلحة أخروية، فهو راجح ومطلوب الشعور به، كتفويت سلوك سبل الأخيار، كما في قوله تعالى: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا). 2- أما الندم على تفويت مصلحة دنيوية: * فإن كانت هذه المصلحة الدنيوية محرمة، فالندم عليها قبيح مكروه، بل قد يصل إلى الحرمة، إن كان المكلف قد أقدم على فعل ظنا منه أنه محرم، فتبين أنه جائز، وهذا ما يعرف بالتجرؤ، كمن أقدم على شرب كأس أمامه ظنا منه أنه خمر راغبا في الحرام، فتبين أنه ماء. وإنما على المكلف في هذه الحال أن يشكر الله على أنه نجاه من الوقوع في المعصية، لا أن يندم على تفويتها. * وإن كانت هذه المصلحة الدنيوية غير محرمة: - فمرة تصب في مصلحة أخروية، كالندم على تضييع مال كان الغرض منه الذهاب لزيارة أضرحة المعصومين (عليهم السلام) أو للحج، فالقول فيه هو القول في الندم على تفويت مصلحة أخروية من أنه ندم راجح مطلوب الشعور به. - وأخرى هذه المصلحة هي مجرد مصلحة دنيوية ولا تصب في أية مصلحة أخروية؛ كالندم على هدم بيت، أو خراب سيارة، لا يُرجى من ورائها أية مصلحة أخروية، هنا لا بأس بالندم على تفويت هذا النوع من المصالح طالما لم يصل إلى حد الأسى والحزن المبالغ فيهما؛ حيث تقع الكراهة، قال تعالى: (أن لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم). أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه، والحمد لله رب العالمين.
|
|