🔴 #هل_الطلاق_أبغض_الحلال؟!
عادة ما يتناقل الناس مثلًا أو حديثًا ما، ويُعَمِّموه علىٰ مجتمعاتهم؛ مما يُشَكِّل إرباكًا نفسيًّا ومجتمعيًّا.
ومن هذه الأحاديث حديث ضعيف السند عن النبي بصيغته التالية: "أبغضُ الحلالِ إلىٰ اللّٰهِ الطلاقُ". ولكن ثمة أحاديث أقوىٰ دلالة علىٰ المراد نفسه؛ منها، قول النبي (صلى الله عليه وآله): "تزوّجوا ولا تطلِّقوا، فإنَّ الطلاقَ يهتزُّ منه العرشُ"...
إذا عرفنا ذلك، فلا شك أنّ الطلاق بالعنوان الأوّلي أمر خطير ينبغي التوقُّفُ عنده والتأنّي فيه؛ لما فيه من تفكيك للأسرة التي تشكِّل نواة المجتمع. ولكن هذا لا يعني أنّ الطلاق بغيض علىٰ كل حال، ومهما كانت الظروف؛ فإنّ المغزىٰ من الأحاديث المتقدِّمة أنْ يتأنّىٰ الناس في قرار الطلاق بعد استنفاذ كل محاولات الإصلاح الممكنة لبقاء العُلْقَة الزوجية، ولكن شريطة أنْ تكون هذه العلقة سليمة؛ بحيث لا يلزم من بقائها ضرر أعظم من الطلاق نفسه، وإلا فإن قاعدة التزاحم بين المصالح والمفاسد تمدد ذراعها لتخلِّص الزوجين من قِرانٍ يكون الخير في انفراط عقده عملًا بوصية السماء: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ (٢٢٩)} [البقرة]
🔴 #هل_طلق_النبي؟
رغم أنّ النبي الكريم قال: "أوصاني جبريلُ (عليه السلام) بالمرأةِ حتىٰ ظننتُ أنه لا ينبغي طلاقُها إلا مِنْ فاحشةٍ مبيَّنةٍ"، إلا أنّ النبيَّ نفسَه قد طلّق مراتٍ عِدَّةً، وهو الحكيم الذي يُنَزِّه نفسه عن أيِّ تصرُّف عبثي لا مصلحة فيه. فلم يقع طلاقه إلا لتأديب أو لشعوره بعدم رغبة الزوجة؛ نذكر:
🔹 طلاقه من أم المؤمنين حفصة بنت عمر:
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ طَلَّقَ حَفْصَةَ، ثُمَّ رَاجَعَهَا في عِدَّتِها"، ولعله طلَّقها لما ذكره القرآن الكريم أنها أفشت لعائشة سرًّا سبقَ وقد أوصاها النبيُّ أنْ لا تُخْبِر به أحدًا. رواه أبو داود (2283) وابن ماجه (2016) والنسائي (3560) والحاكم في "المستدرك" (2 / 197).
🔹 طلاقه من ابنة الجون: وقصتها عند البخاري عن عائشة: "أن ابنة الجون لما أدخلت علىٰ رسول الله، وَدَنا منها، قالت: أعوذ بالله منك، فقال لها: لقد عُذْتِ بعظيم، اِلحقي بأهلك".
🔹 طلاقه من أميمة بنت شراحيل: وقصتها في البخاري عن سهل بن سعد قال: "تزوج النبي أميمة بنت شراحيل، فلما دخل عليها بسط يده إليها، فكأنها كرهت ذلك، فأمر أبا أسيد أن يكسوها ثوبين رازقيين - ثياب من كتان بيض طوال - ويردها إلىٰ أهلها معزَّزة مُكَرَّمة".
🔴 #أحكام_الطلاق
بناء علىٰ ما تقدَّمَ، دعونا نُبَيِّنُ لكم حكم الطلاق، وهل هو واحد أم مُتَعَدِّد؟ وهل هو مُطْلَقٌ أم مُقَيَّد؟
الطلاق على خمس:
1⃣ طلاق واجب:
فيما إذا كان البقاء على الزوجية مُوْقِع بالحرام؛ كالزنا، أو القتل... وهذا الطلاق ليس بغيضا إلىٰ الله، بل البقاء علىٰ الزوجية هو البغيض إليه تعالىٰ؛ لما فيه من مفسدة ملزمة أوجبت التطليق.
2⃣ طلاق مستحب:
فيما إذا وصل الزوجان إلى درجة من النفور صار العيش معه نكدا. وهذا الطلاق أيضا ليس بغيضا إلىٰ الله، بل هو محبوب إليه تعالىٰ، لفرض تعسُّر أو تعذُّر {فإمساك بمعروف}، لذا تأتَّت نوبة {تسريح بإحسان}، ولكن هذا الطلاق لا يصل إلىٰ حد الإلزام والوجوب.
3⃣ طلاق حرام:
فيما إذا لزم من الطلاق مفسدة عظيمة يُلزم الشارع المقدس بدفعها، كضياع الأسرة... ولا شك أنّ الطلاق هيهنا بغيض إلىٰ اللّٰه؛ لما فيه من مفسدة مُلزِمة نَهَتْ عن إيقاعه.
4⃣ طلاق مكروه:
فيما إذا لم يكن سبب الطلاق وجيها، ولكن لا يلزم منه محذور القسم الثالث المتقدِّم. وهذا الطلاق أيضا مبغوض إلىٰ الله، لكن لا إلىٰ حد النهي عنه نَهْيًا يلزم منه اجتراح المعصية.
5⃣ طلاق مباح:
فيما إذا فرضنا تساوي المصلحة والمفسدة بين الزواج والطلاق.
➖➖➖➖➖➖➖
د. السيد حسين الحسيني
واتساب: 009613804079
|