🔴 هل أهان الله الكلب بتنجيسه؟
سأل أحد الإخوة، فقال:
"كيف يأمر اللّٰه تعالى بالرأفة بالكلب مع حكمه بنجاسته، فإن ذلك إهانة له وتوهين بكرامته؟!".
الجواب:
أخي الكريم، قد سألتَ في خير، جعلك اللّٰه من أهله.
- أوَّلًا:
لم تذمَّ الشريعة السمحاء الكلاب، ولم تحكم بكراهة تربيتها، كيف وقد أحل اللّٰه الصيد بواسطتها؟! قال (عزَّ من قائل): {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ ۖ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ۙ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ ۖ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [سورة المائدة: 4].
ولا أحسبك عَدَوْتَ عن كلب أصحاب الكهف الكرام؛ حيث عدَّه تعالى معهم خاصًّا له بالذكر؛ إذ قال: {سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ...}[سورة الكهف: 22]. وقال قبل ذلك مشيرا إلى أن كلبهم كان معهم ممدَّدًا، ولكن عند وصيد الكهف؛ أي (فِنائه): {وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ ۚ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ ۖ وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ...}[سورة الكهف: 18].
نعم، إنما يكره إدخالها داخل البيت بحال خيف الابتلاء من انتقال النجاسة إلى المواطن التي يضر معها القيام بالطاعات؛ كلباس المصلي، أو التعرض لضرر انتقال ما يحمله من ميكروبات... ولذلك لا ينجس الكلب إلا مع رطوبة مسرية (ناقلة)، أما لمسه مع الجفاف فلا نجاسة معه. وقد ثبت علميا أن الكلب يحمل ما يقارب تريلون ميكروبا. وعليه، فما هذه الكراهة - واللّٰه العالم - المقيَّدة بما تقدَّم إلا للإشفاق على الإنسان بتجنبيه مفسدة تركها أولى.
- ثانيًا:
اِعلم أن الطهارة والنجاسة لا علاقة لها باحترام ذويها؛ فكلها مخلوقات الله، وحاشا له تعالى أن يخلق مخلوقا ويهينه! كيف وقد حكم بأنه يسبح له: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ ۚ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَـٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ۗ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا}[سورة الإسراء: 44]
ألا ترى أن دم الإنسان مؤمنا كان أم كافرا يُحكم عليه بالنجاسة حتى لو سال في سبيل الله، ولكن دون أن يُسلب منه شيء من حرمة سفكه؟! قال تعالى: {... مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا... } [سورة المائدة: 32]
والحقُّ أن الله كره لنا التعرُّض لمظنَّة النجاسة خشاة إضرارنا، وليس توهينا للنفس التي تحمل هذه النجاسة؛ فهذا الإنسان مستودع للنجاسات، بل أصله (الحُوَيْمِنُ) نجس عينًا، ولكنه مكرَّم عند الله القائل: {۞ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} [سورة الإسراء: 70].
ثم ألا ترى أن فضلات البهائم مأكولة اللحم والطيور بكل أنواعها طاهرة، بينما فضلات الإنسان نجسة؟! أفهل هذا الحكم يوهن من قدر الإنسان ويجعله أدنى رتبة من البهائم؟!
فلنتدبَّر 🙌🏽
➖➖➖➖➖➖➖
د. السيد حسين الحسيني
واتساب: 009613804079

|