هَلْ عِفْتَ نَفْسَكَ تَارِكًا مَهْوَاهَا؟!
وَاهًا لِنَفْسِكَ إِنْ أَطَعْتَ هَوَاهَا
لا جُنْحَ نِسْرٍ يَحْمِلَنَّكَ رَافِعًا
مَا دُمْتَ ثُثْقِلُ بِالخَطَاءِ خُطَاهَا
وَتَظُنُّ أَنَّكَ إِنْ مَلَأْتَ مَكَانِزًا
سَلِمَتْ لَكَ الدُّنْيَا وَزَالَ بَلَاهَا؟!
لَا تَخْدَعَنَّكَ وَالحَيَاةُ قَصِيرَةٌ
تَفْنَى الدَّنِيَّةُ وَالبَقَاءُ جَزَاهَا
فَالسَّعْدُ لَيْسَ إِذَا حَوَيْتَ مَغَانِمًا
بَلْ فِي قُلُوبٍ قَدْ عَرَفْنَ هُدَاهَا
كَمْ تُنْهِكُ الأَطْمَاعُ نَفْسَ مُغَفَّلٍ
وَيُرِيحُ زُهْدُ العَاقِلِينَ رِضَاهَا
فَازَ المُزَحْزَحُ ضَاحِكًا مُسْتَبْشِرًا
مَنْ قَلَّ مِنْ أَمَلٍ وَقَدْ زَكَّاهَا
.....................................
📜 تحليل القصيدة
1️⃣ البيت الأول:
"هَلْ عِفْتَ نَفْسَكَ تَارِكًا مَهْوَاهَا وَاهًا لِنَفْسِكَ إِنْ أَطَعْتَ هَوَاهَا"
هو نداء ينادي للنفس، ومطالبتها بالاعتكاف عن شهواتها، وتحذير من استسلامها للهوى الذي يضعفها ويقيِّدها، بينما ترويضها عن الرغبات يصقلها.
2️⃣ البيت الثاني:
"لا جُنْحَ نِسْرٍ يَحْمِلَنَّكَ رَافِعًا مَا دُمْتَ ثُثْقِلُ بِالخَطَاءِ خُطَاهَا"
تشبيه النفس بالنسْر لا تحلِّق في قوس صعودها إلا إذا خفَّ ثقل الخطايا عنها؛ فالتحرُّر من الذنوب شرط للسموِّ الروحيِّ فوق عالم المادة.
3️⃣ البيت الثالث:
"وَتَظُنُّ أَنَّكَ إِنْ مَلَأْتَ مَكَانِزًا سَلِمَتْ لَكَ الدُّنْيَا وَزَالَ بَلَاهَا؟!"
استفهام استنكاريُّ يحذِّر من الغرور بالمكاسب الماديَّة وزيف الأمان الدنيويِّ، فالمال لا يحقِّق الخلاص الداخليَّ، ولا يحصِّن من البلاء.
4️⃣ البيت الرابع:
"لَا تَخْدَعَنَّكَ وَالحَيَاةُ قَصِيرَةٌ تَفْنَى الدَّنِيَّةُ وَالبَقَاءُ جَزَاهَا"
تذكير بقصر الحياة وزوال متاعها، وتأكيد على أنَّ البقاء الحقيقيَّ لجزاء النفس على أعمالها.
5️⃣ البيت الخامس:
"فَالسَّعْدُ لَيْسَ إِذَا حَوَيْتَ مَغَانِمًا بَلْ فِي قُلُوبٍ قَدْ عَرَفْنَ هُدَاهَا"
تنبيه على أنَّ السعادة ليست في امتلاك المكاسب الدنيويَّة، بل في اهتداء القلوب إلى الصراط القويم.
6️⃣ البيت السادس:
"كَمْ تُنْهِكُ الأَطْمَاعُ نَفْسَ مُغَفَّلٍ وَيُرِيحُ زُهْدُ العَاقِلِينَ رِضَاهَا"
يبرز البيت إرهاق الطمع للنفس الغافلة، مقابل راحة الزهد للعقلاء التي تمنحهم الرضا، فالزهد ويليه الرضا مصدر السكينة والراحة الداخليَّة، والطمع سبب التعب الروحيِّ.
7️⃣ البيت السابع:
"فَازَ المُزَحْزَحُ ضَاحِكًا مُسْتَبْشِرًا مَنْ قَلَّ مِنْ أَمَلٍ وَقَدْ زَكَّاهَا"
يصور البيت فرحة النفس المستبشرة بالقناعة، موضحًا أن الفوز الحقيقي هو لمن اكتفى بالقليل غير آمل بغبار هذه الدنيا وزخرفها وزبرجها، وزكى نفسه وطهرها من دنس التعلق بالمحدود الفاني. أمَّا استعمال (المُزَحْزَحُ)، ففيه إشارة إلى قوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۖ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۗ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (١٨٥)} [آل عمران]
➖➖➖➖➖➖➖➖
د. السيد حسين علي الحسيني
واتساب: 009613804079
|