🔴 الهدف من الحياة
لا نَنْفَكُّ نبحثُ عَنْ هدفٍ يقذفُ فينا الطاقةَ الكافيةَ لننهضَ مِنْ فراشِنا كلَّ غَدَاةٍ، ويمنحُنا لَذَّةَ البقاءِ والاستمراريَّةِ في الحياةِ؛ ذلك أنَّنا نظنُّ أنفسَنا منفصلين عنها، فلا ندركُ أنَّنا نعيشُ هذا الهدفَ أو فلنقلْ هذا الدَّوْرَ؛ لأنَّنا أصلًا جزءٌ مِنْ هذه الحياةِ.
فلو نظرْنا مثلًا إلىٰ قائمةِ مكتبِ (محافظِ المدينةِ) وهي لا تلتفتُ إلىٰ وجودِ المكتبِ فوقَها، لوجدْناها تشعرُ أنَّها عاشتْ حياتَها بلا أيِّ هدفٍ ولا أيَّةِ قيمةٍ؛ ذلك أنَّها بنظرِها القاصرِ وَوَعْيِها غيرِ الباصرِ ترىٰ نفسَها مجرَّدَ قطعةٍ خشبيَّةٍ مثبتةٍ أسفلَ لوحٍ خشبيٍّ بلا حيلةٍ لها ولا قوةٍ فيها ولا نفعَ منها، دونَ أنْ تصلَ إلىٰ أنَّها كانتْ تحملُ علىٰ عاتقِها مكتبًا يحفظُ في أدراجِه مستنداتٍ مهمَّةٍ وقَيِّمَةٍ تخصُّ مصالحَ النَّاسِ.
وكذلك هو الإنسانُ، فإنْ لم يتنبَّه إلىٰ أنَّه جزءٌ مِنْ هذه الطبيعةِ وهذه الحياةِ وهذا الكونِ لا أنَّه شيءٌ منفصلٌ عنها مِمَّا يوجبُ عليه أنْ يبحثَ له عَنْ هدفٍ فيها، فإنَّه سيمضي حياتَه في تِيْهٍ بينَ الأرجاءِ يتخبَّطُ خَبْطَ عَشْوَاءَ، متوَّهِمًا أهدافًا مِنْ حولِه، فإنْ أصابَها فُتِنَ بها ثُمَّ ملَّها، وإنْ أخطأَها حَزِنَ عليها ثُمَّ جازَها... فلا تكونُ هذه الأهدافُ المصطنعةُ سوىٰ أشراكٍ نصبَها الإنسانُ بِيَدَيْهِ بعيدًا عَنِ الهدفِ والدَّوْرِ الحقيقيِّ المختصِّ به والمُهَيَّئِ له؛ كما جاءَ في الحديثِ: "#كُلٌّ_مُيَسَّرٌ_لِمَا_خُلِقَ_لَهُ".
ولولا أنَّه تأمَّلَ وتفكَّرَ وتدبَّرَ فلربَّما أدركَ أنَّه ليسَ مجرَّدَ شيءٍ منفصلٍ عَمَّا حولَه كما تَوَهَّمَتْ قائمةُ المكتبِ، أو مجردَ غصنِ شجرةٍ بلا أيِّةِ قيمةٍ تتقاذفُه مياهُ النهرِ يَمْنَةً ويَسْرَةً غافلًا عَمَّا يحملُه مِنْ أمانةٍ ينبغي أنْ يوصلَها إلىٰ منقارِ طيرٍ تلتقطُها عنه لتطعمَها فراخَها، أو يدَ غريقٍ ينتظرُه لينشلَه قبلَ سقوطُه في شلالِ الموتِ...
➖➖➖➖➖➖➖
د. السيد حسين علي الحسيني
واتساب: 009613804079
|