﴿ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴾
 
 

 هل النبيُّ أمِّيٌّ 

القسم : متفرقات دينية   ||   التاريخ : 2025 / 09 / 08   ||   القرّاء : 34

✍️ هل النبيُّ أمِّيٌّ‼️

تأنفُ النفسُ أنْ تقبلَ هذه الدعوى التي تجعلُ مِنْ خاتمِ الأنبياءِ (صلَّى الله عليه وآله وصحبه وسلَّم) جاهلا بما يعرفه الصبيان، وهو خير الأنام وسيِّد الأكوان. فما قصَّة هذه الشائعة التي يحفظها المسلمون مخالفين وجدانهم معتقدين أنَّ الأُمِّيَّةَ مَكْرُمَةٌ للنبيِّ لا نقصٌ؟! 

1️⃣ أوَّلًا:

قال تعالى في سورة الجمعة: {هُوَ الَّذِى بَعَثَ فِى الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا [مِّنْهُمْ] ...(٢)}؛ (منهم) أي من الأمِّيِّين، فهل المراد أنَّ اللّٰه بعث رسولا لا يعرف القراءة والكتابة إلى قوم لا يعرفون القراءة والكتابة أيضا باعتباره واحدا منهم؟!

طبعا لا؛ لأن الكثير من أهل مكَّة كانوا يقرؤون ويكتبون ويتبارَون بالشعر، بل كانت هذه سِمَتَهُم التي يتفاخرون بها بين العرب. وسوق عكاظ أعظم شاهد على فصاحتهم وبلاغتهم!

وإنما المراد بـ(الأمِّيِّين) أهل (مكَّة المكرَّمة) نسبة إليها؛ حيث كانت تُسَمَّىٰ (أمُّ القُرَى) وما زالوا يطلقون عليها هذا الاسم. فمن كان من (أمِّ القرى) يُطلق عليه (أُمِّيٌّ).

وتتمَّة الآية المتقدِّمة تنصُّ على أنَّ رسول اللّٰه كان يُعلِّم قومه الكتاب والحكمة؛ فكيف - كما قال إمامنا الرضا (عليه السلام) - يُعَلِّمُهُم ما لا يُحْسِن؟! وهل فاقد الشيء يعطيه؟! {... وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتٰبَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلٰلٍ مُّبِينٍ}.

 

2️⃣ ثانيًا:

قال تعالى: {وَمَا كُنتَ تَتْلُوا مِن قَبْلِهِۦ مِن كِتابٍ وَلَا تَخُطُّهُۥ بِيَمِينِكَ ۖ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ (٤٨)} [العنكبوت]. 

إذا تأمَّلنا هذه الآية من دون افتراض تفسير مسبَّق، نجدها تدلُّ على معنى واحد لا تزيد عليه، وهو أنَّ النبيَّ ما قرأ وما كتب قبل نزول القرآن، وهذا لا يكشف عن جهله بالقراءة والكتابة، فمن لم يقرأ أو يكتب لغة معيَّنة طيلة حياته، لا يعني أنَّه يجهلها، وإنَّما يعني أنَّه لم يقرأها ولم يكتبها فحسب، فليس كلُّ ما يسكت عنه الإنسان ولا يظهره يكون جاهلا به. ثمَّ لو شاء المولى أن يصف النبيَّ بالأُمِّيِّ لما قال: {وما كنت تتلو... ولا تخطه} بل لقال مثلا: (وما كنت تعرف التلاوة ولا الكتابة). 

وإن قلتم: إذًا أين هو الإعجاز؛ إذ الإعجاز في أن تأتي بلاغة القرآن على يد نبيٍّ أُمِّيٍّ، فلو لم يكن (أُمِّيًّا) لما كان القرآن معجزة؟! 

الجواب:

- إذا عرفنا سبب نزول الآية عرفنا الجواب، وهو أنَّهم اتَّهموا النبيَّ بِأَخْذِ مضامين القرآن من كتب الأديان السالفة، أو علَّمه إياها الراهب (بُحَيْرَى). 

فشاء اللّٰه إبطالًا لدعواهم أن لا يتصدى النبيُّ للقراءة والكتابة ما قبل نزول القرآن ليدفع هذه الدعاوى الباطلة. فيكون الإعجاز من جهتين:

- الأُولى:

أنَّ النبيَّ أتى بكتاب فيه سِيَرُ السابقين ونبوءات مستقبل الحاضرين بلسان عربيٍّ مبين، دون أن يحتاج لأيِّ كتاب يقرؤه أو مصدر يرجع إليه رغم كونه قادرا على ذلك!

- الثانية:

وهي بلاغة القرآن نفسه، فسواء كان النبيُّ يقرأ أم لا، فهذا لا يغيِّر شيئا بالنسبة لكون آيات القرآن إعجازيَّة قد تحدَّى اللّٰه بها قريشًا على أن يأتوا بسورة واحدة من مثله، فلم يفلحوا بل رجعوا خاسئين عاجزين عن مناجزة اللّٰه.

 

3️⃣ ثالثًا:

كلَّنا نعلم أنَّ عليَّ بن أبي طالب (عليهما السلام) ربيبُ النبيِّ، وقد أخذه رسول اللّٰه من عمِّه أبي طالب ليعلِّمه ما علَّمه حتى قال عليٌّ: "كنتُ إذا سألتُ رسولَ اللّٰهِ أجابني، وإذا سكتُّ استسألني"، حتى بلغ مِنَ العلم ما لا يرقى إليه الطير وينحدر عنه السيل، فقال سيِّد المرسلين: "أنا مدينة العلم وعليٌّ بابها". فكيف للطالب الذي يتَّفق المسلمون على أنَّه لم يطلب العلم من غير رسول اللّٰه، أن يكون قارئًا كاتبًا بينما مُعَلِّمُه لا يعرف القراءة والكتابة؟! يعني باب مدينة العلم يقرأ ويكتب، بينما المدينة نفسها لا يقرأ ولا يكتب؟! فالعجب كلُّ العجب من هذه الدعوى الباطلة! 

➖➖➖➖➖➖➖➖

د. السيد حسين علي الحسيني 

واتساب: 009613804079 



 
 


الصفحة الرئيسية

د. السيد حسين الحسيني

المؤلفات

أشعار السيد

الخطب والمحاضرات

فتاوى (عبادات)

فتاوى (معاملات)

البحوث الفقهية

بحوث فلسفية وأخلاقية

البحوث العقائدية

حوارات عقائدية

متفرقات

سؤال واستخارة

سيرة المعصومين

أسماء الله الحسنى

أحكام التلاوة

الأذكار

أدعية وزيارات

الأحداث والمناسبات الإسلامية

     جديد الموقع :



 العدالة الاجتماعية بين الفطرة والتجربة

 هل النبيُّ أمِّيٌّ

 نشر الأعمال العباديَّة عن النبيِّ وأهل البيت

 ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر

 التحايل السياسي (الإمام علي والمغيرة - نُصْحُ اليومِ وتحايلُ الغدِ)

 الإسلام القرآني

 انتقال السيدة العذراء

 أرز الله

 جراح الطفولة وأقنعة الأنا

 الذكورية في استعراضات الأنثى

     البحث في الموقع :


  

     ملفات عشوائية :



 موارد وجوب التيمم

 مرحلة الشيخوخة

 الأغسال وإغنائها عن الوضوء

 زيارة أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)

 الغضب

 محادثة الرجال والنساء

 سياسة الخنزير

 مد التمكين

 دعاء الصباح

 الإفطار العمدي وكفارته في رمضان وقضائه

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية
  • أرشيف المواضيع
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

Phone : 009613804079      | |      E-mail : dr-s-elhusseini@hotmail.com      | |      www.dr-s-elhusseini.net      | |      www.dr-s-elhusseini.com

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net