🔴 هل الأمراض النفسية معدية؟
ربما مررتم بمبدأ يُعْمَل على نشره مؤخرًا، ومفاده رجحانُ تَجَنُّبِنا المرضى النفسيين بحال شعرنا أن الاقتراب منهم وسماع شكايتهم ربما ينقل لنا عدوى مرضهم النفسي وطاقتهم السلبية.
وجوابه:
ثبت كحقيقة علمية أن الأمراض النفسية غير معدية بتاتا، وإلا لو كانت كذلك لتسببت بإمراض المنشغلين في هذا الفن من الأطباء والمعالجين النفسيين على أقل تقدير.
نعم قد يسبِّب الاختلاط بالمرضى النفسيين نوعا من الضغط النفسي لدى من لديه الاستعداد للوقوع بالكآبة أو الإحباط، وهذا ليس أمرًا مذموما البتة؛ إذ من الطبيعي أن يسبِّب الاختلاط بالمريض سواء البدني أم النفسي الشعور بالحزن حياله.
والسؤال هنا: هل تسبيب الحزن ولوازمه وامتصاص الطاقة السلبية خلال سماع شكاية المرضى والمنكسرين أمر مذموم؟
وجوابه:
إن هذا الشعور التفاعلي مع المريض النفسي لا مَذَمَّة فيه؛ لما فيه من مواساة له، وهذا من أقل درجات الاهتمام بأخينا الإنسان الواجبة والمحمودة شرعيا وأخلاقيا وفطريا وإنسانيا، وقد ورد في الحديث الشريف: "مَثَلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد؛ إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحُمَّى"، وهذا الحديث واضح الدلالة على أن المؤمن إذا سمع شكاية أخيه عن مرضه، ينبغي أن يتفاعل معه بأقصى درجات التفاعل حتى الإصابة بالحمى كما يتفاعل بقية الجسد إذا أصاب المرض عضوا منه. بل حتى إذا وصل بالإنسان أن يموت همًّا؛ كما ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حادثة إغارة الغامدي بأمر من معاوية على مدينة (الأنبار) في العراق وسرقة حُلِيِّ النساء؛ حيث قال: "فلو أنَّ امْرَءًا مسلمًا مات من بعد هذا أسفًا، ما كان به ملومًا، بل كان به عندي جديرًا".
نعم، من يجد في نفسه عدم القابلية لتحمُّل سماع شكاية المرضى سواء النفسيين أم غيرهم، (ربما) يسقط عنه وجوب هذا التفاعل المندوب بل الواجب في كثير الأحيان عند الله في شريعتنا السمحاء الرحيمة التي شددت على التكافل المحتاج، والتراحم مع الضعيف المنهزم المكسور، ومواساة المظلوم المحزون، وإغاثة الملهوف...
وبناء على ما تقدم:
إن دعوى الناس لتجنُّب ما يسمونه بالطاقة السلبية بتفادي الناس المحبطين والمحزونين (على إطلاقها) هي دعوى أنانية تخالف آداب الشرائع السماوية جمعاء؛ فإن امتصاص الطاقة السلبية من إخوتنا المؤمنين أمر جليل في الشريعة، بل تسدِّده الفطرة الإنسانية السليمة، وإلا عاش الإنسان في قوقعة (الأنا) المذمومة عقليا وعقلائيا وشرعيا وفطريا وإنسانيا.
فلنتدبَّر جيدا ولنتأمَّل في مقاصد الشريعة المحمدية العظيمة حتى لا ننثني عن الوقوف إلى جنب كل محتاج ما استطعنا. والسلام 🙌🏽
➖➖➖➖➖➖➖
د. السيد حسين الحسيني
واتساب: 009613804079
|