🐷 سياسة الخنزير
أَدْخَلَ النظامُ الديكتاتوريُّ المُقَنَّعُ رجلًا إلىٰ السجنِ ظُلْمًا. وكانتْ مساحةُ الزنزانةِ مترين * متر.
قبضَ السجينُ علىٰ قضبانِ زنزانتِه وراحَ يصرخُ: هذا قبرٌ وليسَ حَبْسًا! أبْلِغُوا مديرَ السجنِ اعتراضِي وامتعاضِي، وأنَّ مِنْ حَقِّي كإنسانٍ أنْ أقضيَ مُدَّةَ عُقُوبَتِي في مكانٍ أوسعَ!
مضتْ ساعاتٌ وما مِنْ مُجِيْبٍ!
وفي صباحِ اليومِ التالي، تفاجأَ السجينُ بإدخالِ سجينٍ آخرَ إلىٰ زنزانتِه! فَعَلَا صراخُه أكثرَ مِنْ ذِي قَبْلُ: إنَّكُم تَسْلُبُونَنَا (أَلِفْ بَاء) حقوقِنا كَبَشَرٍ! لنْ أسكتَ عن إساءتِكم أبدًا!
نعم، وهكذا أمضىٰ ليلةً أخرىٰ بالصراخِ مُجَدَّدًا، ولا حياةَ لِمَنْ تُنَادِي!
حتىٰ أشرقتْ شمسُ يومٍ جديدٍ، فسمعَ مع أولِ بقعةِ ضوءٍ تنعكسُ علىٰ وجهِه صوتَ أقدامِ الجنودِ وهم مُقْبِلُونَ عليه. فقالَ في نفسِه: كنتُ أعرفُ أنَّ صرخاتِي المتواصلةَ ستُؤْتِي أُكُلَها.
وكانتِ المفاجأةُ! إنَّه خنزيرٌ يَجُرُّهُ الجنودُ حتىٰ أدخلوه شريكًا ثالثًا في هذه الزنزانةِ التي تَسَعُ مِنَ المُحِبِّينَ الكثيرَ!
جَحَظَتْ عَيْنا صاحِبِنا وكأنَّه يَحْلُمُ أنَّه يَحْلُمُ!
تَحَسَّسَ الخنزيرَ، فَاسْتَفَاقَ مِنْ سُبَاتِ وَهْمِه... إنَّه خنزيرٌ فِعْلاً!
فهل يصرخُ مجدَّدًا؟ هل يُواصِلُ اعتراضَه؟ ولٰكن... انظروا إلىٰ ما آلَ إليه حالُه! رَجُلانِ وخنزيرٌ في زنزانةٍ لا تَسَعُهُ وَحْدَهُ!
استعادَ رَبَاطَةَ جَأْشِه، وَفَكَّرَ مَلِيًّا، ثُمَّ نادىٰ الحارسَ بصوتٍ ناعمٍ رقيقٍ والخنزيرُ يَلْعَقُ مُؤَخِّرَتَهُ: (هلَّا تُوْصِلُ إلىٰ جَنَابِ مديرِ السجنِ تمنِّياتي بأنْ يتكرَّمَ علينا بإخراجِ الخنزيرِ فقط لنتمكَّنَ مِنَ الجلوسِ، ونحنُ له مَمْنُونُونَ وهو علينا مُتَفَضِّلٌ... وأبْلِغْهُ اعتذارِي عَنْ إساءَتي الأدبَ في اللَّيلتَينِ الماضيتَينِ؟!)
فَلْنَتَأَمَّلْ قَبْلَ أنْ نتألَّمَ.
➖➖➖➖➖➖➖
د. السيد حسين الحسيني
واتساب: 009613804079
|