﴿ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴾
 
 

 البدن والنفس 

القسم : متفرقات أخلاقية   ||   التاريخ : 2015 / 12 / 17   ||   القرّاء : 18582

البدن والنفس

المقدمة الأولى:
 يتميز البدن عن النفس، أن الأول مخلوق للفناء، والثاني مخلوق للبقاء. و(اللام) هنا للعاقبة لا للتعليل؛ لأن الفناء والبقاء عاقبتا البدن والنفس، وليسا علتي وجودهما، وإنما علة وجودهما هي الوصول إلى السعادة الأبدية التي تحقّقها العبادة البدنية والنفسية؛ وذلك بامتثال الأحكام الشرعية والأخلاقية من التخلي من الرذائل والتحلي بالفضائل.
 ولا يخفى أن العبادة تتوقف على معرفة المعبود في الجملة؛ لقول الأمير: "أول الدين معرفته"( ).
المقدمة الثانية:
 بما أن البدن مخلوق للفناء، فهو يَضْعُفُ كلما أُشْغِل مطلقا؛ أي سواء أُشْغِل فيما ينفع أم فيما يضر. وإلى هذا الإطلاق أشار أمير المؤمين فيما نسب إليه شِعْرًا:
ما مِنْ يومٍ يمضي عنَّا      إلا أَوْهَنَ مِنَّا رُكْنًا
وبما أن النفس مخلوقة للبقاء، فهي تقوى كلما أُشْغِلت مطلقا أيضا؛ أي سواء أُشْغِلت فيما ينفع أم فيما يضر، غايته أنه إذا أُشْغِلت فيما ينفع قويت على الخير، بينما إذا أُشْغِلت فيما يضر قويت على الشر.
المقدمة الثالثة:
 إن البدن والنفس متماسَّان، ولذلك فإن إشغالَ أحدهما إشغالٌ للآخر.
 وبناء على هذه المقدمات الثلاث، يتضح:
 أولا: إن البدن يضعف على كل حال وصولا إلى فنائه؛ وذلك بطريقين: مباشر؛ وذلك فيما إذا أُشْغِل مطلقا، وغير مباشر؛ وذلك إذا أُشْغِلت النفس مطلقا.
 ثانيا: إن النفس تقوى على كل حال، فهي تقوى على الشر بطريقين وصولا إلى الشقاوة الأبدية، وتقوى على الخير بطريقين وصولا إلى السعادة الأبدية، وهي في إضعافها وتقويتها. فأما الطريقان اللذان تقوى بهما النفس على الشر، فهما: طريق مباشر؛ وذلك فيما إذا أشغلت فيما يضر، وغير مباشر؛ وذلك إذا أشغل البدن فيما يضر. وأما الطريقان اللذان تقوى بهما النفس على الخير، فهما: طريق مباشر؛ وذلك فيما إذا أُشْغِلت فيما ينفع، وطريق غير مباشر؛ وذلك فيما إذا أُشْغِل البدن فيما ينفع.
 فتحصَّل مما تقدَّم أن الوصول إلى السعادة الأبدية يتحقق بطريقين لا ثالث لهما، وهما: إشغال البدن فيما ينفع، وإشغال النفس فيما ينفع أيضا. فتأمَّل.



 
 


الصفحة الرئيسية

د. السيد حسين الحسيني

المؤلفات

أشعار السيد

الخطب والمحاضرات

فتاوى (عبادات)

فتاوى (معاملات)

البحوث الفقهية

بحوث فلسفية وأخلاقية

البحوث العقائدية

حوارات عقائدية

متفرقات

سؤال واستخارة

سيرة المعصومين

أسماء الله الحسنى

أحكام التلاوة

الأذكار

أدعية وزيارات

الأحداث والمناسبات الإسلامية

     جديد الموقع :



 هل يقال: أنا فاطر أم مغطر؟

 متلازمة ستوكهولم

 لماذا اختص الله شهر رمضان لنفسه

 طلاق الحامل

 سياسة الخنزير

 نشر الأحاديث مفطر

 رمضان مهبط الكتب السماوية

 كيف دعانا الله إلى الصوم

 سياسة الحمار والكلب

 آراء الفقهاء في رؤية الهلال

     البحث في الموقع :


  

     ملفات عشوائية :



 القدّوس

 الفالق القديم

 البلوغ

 الأسد الأشمر

 أحكام العمرة المفردة

 التشبه بالغرب

 الوالي المتعالي

 نزاهة آباء النبي وأمهاته عن الدناءة والكفر

 أدلة استحباب تعدد الزوجات

 العارض للوقف والإشمام والروْم

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية
  • أرشيف المواضيع
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

Phone : 009613804079      | |      E-mail : dr-s-elhusseini@hotmail.com      | |      www.dr-s-elhusseini.net      | |      www.dr-s-elhusseini.com

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net