﴿ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴾
 
 

 كيف دعانا الله إلى الصوم 

القسم : متفرقات دينية   ||   التاريخ : 2025 / 03 / 02   ||   القرّاء : 152

🌙 كيف دعانا اللّٰه إلى الصوم
يُقْبِلُ علينا شهرُ رمضانَ في كلِّ عامٍ، فَنَحُلُّ عليه ضيوفًا علىٰ مائدةِ الرحمٰنِ. ومِنْ آدابِ الضيافةِ حسنُ الدعوةِ بحيثُ تكونُ علىٰ قَدْرِ الداعي لائقةً به. فبأيِّ لسانٍ دعانا الحقُّ سبحانه إلىٰ ضيافتِه؟
قالَ تعالىٰ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ...} [البقرة: 183]
▪️أوَّلًا:
لو تأمَّلنا في هذا الخطابِ الإلهيِّ، لَلَمَسْنَا فيه الأدبَ الربانيَّ العاليَ؛ فإنَّه تعالىٰ يُبَلِّغُنا بوجوبِ الصيامِ علينا، مَوَاسِيًا لنا بأنَّ وجوبَ الصومِ حُكْمٌ التزمتْ به الأُمَمُ السالفةُ مِنْ أهلِ الشرائعِ السابقةِ؛ فقالَ: {كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ}.
▪️ثانيًا:
بَيَّنَ لنا تعالىٰ أنَّ وجوبَ الصومِ كَكُلِّ وجوباتِه التي تعودُ بالنفعِ علينا، والمصلحةُ مِنَ الصيامِ هي (التقوىٰ): {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}؛ يعني: إنَّما فرضتُ عليكم الصيامَ رَجَاءَ أنْ تحصلوا علىٰ مَلَكَةِ التقوىٰ. 
والتقوىٰ في اللغةِ مِنَ (الوقاية)، وعندَ أهلِ الحقيقةِ: "هِيَ اتِّقَاءُ غَضَبِ اللّٰهِ بِطَاعَتِهِ". وهي نوعانِ:
- إمَّا (تقوىٰ في الطاعاتِ):
وتعني الإخلاصَ فيها بأنْ نُقْبِلَ عليها ونمتثلَ لها لِوَجْهِ اللّٰهِ تعالىٰ، وليس لِسُمْعَةٍ أو مُراءاتٍ... وأكثرُ ما تثبتُ به مَلَكَةُ التقوىٰ هو (الصومُ)؛ لأنَّه الطاعةَ الوحيدةَ التي لا مجالَ إلا أنْ تكونَ في سبيلِ اللّٰهِ؛ ومِنْ هنا جاءَ في الحديث: "فَرَضَ اللّٰهُ الصِّيَامَ ابْتِلَاءً لإِخْلاصِ الخَلْقِ".
وَجَاءَ في الكِتَابِ المُقَدَّسِ عَنِ الرِّيَاءِ في الصَّوْمِ المُنَافِي لِلْإِخْلَاصِ:
"(١٦) وَمَتَىٰ صُمْتُمْ فَلاَ تَكُونُوا عَابِسِينَ كَالمُرَائِينَ، فَإِنَّهُمْ يُغَيِّرُونَ وُجُوهَهُمْ لِكَيْ يَظْهَرُوا لِلنَّاسِ صَائِمِينَ. الحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُمْ قَدِ اسْتَوْفَوْا أَجْرَهُمْ.
(١٧) وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَىٰ صُمْتَ فَادْهُنْ رَأْسَكَ وَاغْسِلْ وَجْهَكَ. 
(١٨) لِكَيْ لاَ تَظْهَرَ لِلنَّاسِ صَائِمًا، بَلْ لأَبِيكَ الَّذِي فِي الخَفَاءِ. فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَىٰ فِي الخَفَاءِ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً". [متىٰ ٦: ١٦-١٨] 
- وإمَّا (التقوىٰ في المعاصي):
فإنَّ الصائمَ في شهرِ رمضانَ لا يمتنعُ عَنِ الحرامِ فَحَسْبُ كما في سائرِ الشهورِ، بل يمتنعُ في نهاراتِ شهرِ رمضانَ عن المباحاتِ الحلالِ في سائرِ الشهورِ، فإذا اعتادتِ النفسُ الإنسانيةُ علىٰ الامتناعِ عَنِ المباحِ، سَهُلَ عليه الامتناعُ عَنِ المحرماتِ بل المكروهاتِ أيضًا.
▪️ثالثًا:
يكمل الحقُّ سبحانه نِداءَ ضيافتِه قائلا: {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ...} [البقرة: 184] .
ما أَلْطَفَ هذا النداءَ، فبعدَ أنْ شَفَعَ خطابَ حُكْمِ وجوبِ الصومِ بأنَّه كان واجبًا علىٰ الأممِ السالفةِ، وأنَّ المنفعةَ منه تعودُ للصائمِ وحده، يشفعُه ثالثًا بالإشارةِ إلىٰ أنَّ أيامَ الصومِ قليلاتٌ معدوداتٌ لا تكادُ تبدأُ حتىٰ تنتهي!
وبهذه الكلماتِ السماويِّةِ المُغَمَّسَةِ باللَّطَافَةِ، جَعَلَ الحبيبُ تعالىٰ دعوتَه إلىٰ مائدةِ الصومِ دعوةَ حُبٍّ وأُنْسٍ وإِقْبَالٍ؛ وهذا ما أشارَ إليه الحديثُ: "لَذَّةُ النِّدَاءِ، أَزَالَتْ تَعَبَ العِبَادَةِ والعَنَاءِ".
➖➖➖➖➖➖➖
د. السيد حسين الحسيني 
واتساب: 009613804079



 
 


الصفحة الرئيسية

د. السيد حسين الحسيني

المؤلفات

أشعار السيد

الخطب والمحاضرات

فتاوى (عبادات)

فتاوى (معاملات)

البحوث الفقهية

بحوث فلسفية وأخلاقية

البحوث العقائدية

حوارات عقائدية

متفرقات

سؤال واستخارة

سيرة المعصومين

أسماء الله الحسنى

أحكام التلاوة

الأذكار

أدعية وزيارات

الأحداث والمناسبات الإسلامية

     جديد الموقع :



 هل يقال: أنا فاطر أم مغطر؟

 متلازمة ستوكهولم

 لماذا اختص الله شهر رمضان لنفسه

 طلاق الحامل

 سياسة الخنزير

 نشر الأحاديث مفطر

 رمضان مهبط الكتب السماوية

 كيف دعانا الله إلى الصوم

 سياسة الحمار والكلب

 آراء الفقهاء في رؤية الهلال

     البحث في الموقع :


  

     ملفات عشوائية :



 بيَّضت صحيفة اعمالي

 زيارة الإمام الحسين بن علي (عليهما السلام) في الأربعين

 أدلة استحباب تعدد الزوجات

 شعبان ولّى رمضان هلّ

 أحكام الراءات

 التأمين

 آداب التّشييع

 اللحية

 الكُر والماء المطلق

 براءة الطفولة في الإنجيل

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية
  • أرشيف المواضيع
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

Phone : 009613804079      | |      E-mail : dr-s-elhusseini@hotmail.com      | |      www.dr-s-elhusseini.net      | |      www.dr-s-elhusseini.com

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net