﴿ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴾
 
 

 الاستدلال بآية الوضوء على وجوب مسح الرجلين 

القسم : بحوث فقهية   ||   التاريخ : 2016 / 02 / 13   ||   القرّاء : 17788

` الاستدلال بآية الوضوء على وجوب مسح الرجلين:

        قال U في آية الوضوء: >إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَِكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ< (سورة المائدة، الآية 6).

        اختلفت الإمامية وبعض السنة في الاستدلال بهذه الآية المباركة على كون الواجب مسح الرجلين أم غسلهما بقطع النظر عن الروايات، فذهبت الإمامية إلى وجوب مسحهما، بينما ذهب بعض السنة إلى وجوب غسلهما؛ وذلك على القراءتين؛ أي قراءة (أرجلكم) بالنصب والجر.

        Z قراءة (أرجلَكم) بالنصب:

        أما بناء على قراءة (أرجلَكم) بالنصب؛ فقد ذهبت الإمامية إلى وجوب مسح الرجلين لمحل نصب (أرجلَكم) على أنه مفعول به للفعل (امسحوا)، أو عطفا على محل النصب من (رؤوسكم)، فإنها في محل نصب مفعول به للفعل (امسحوا).

        أما بعض السنة، فقد ذهبوا إلى وجوب غسلهما لدليلين:

        - الدليل الأول: نصب (أرجلَكم) على أنه مفعول به للفعل (اغسلوا).

        وفيه: لا يخفى عليك وهنُ ما ذهبوا إليه؛ لأولوية العامل الأقرب، وهو (امسحوا).

        - الدليل الثاني: وهو أن الغَسل مشتمِل على المسح، خلافا للمسح الذي لا يشتمل على الغَسل، فينبغي الاحتياط بالغَسل تحقيقا لبراءة الذمة.

        وفيه: أولا: إنما يُرجع للاحتياط في مورد الشك، وهو منتف في المقام، إلا لدى المكابر. كما أنه لا يخفى على الحاذق أن لكل من الغَسل والمسح ماهية مغايرة لماهية الآخر، فهو ليس من الأقل والأكثر ليحتاط بالعمل بالأكثر، ومن ثّمَّ ذكر المولى كل منهما في الآية عاطفا بينهما، والعطف يقتضي التغاير بين المعطوف والمعطوف عليه؛ إذ لا يُعْطَف الشيء على نفسه.

        ثم لو سلَّمنا أنه من الأقل والأكثر، فهو من الأقل والأكثر الارتباطيين، فيكون الأكثر من المسح مجرى للبراءة، دون الأقل؛ لأن إجراءها في الأقل خلاف المِنَّة التي من أجلها سيق هذا الأصل، فتنبَّه.

        Z قراءة (أرجلِكم) بالجر:

        وأما على قراءة (أرجلِكم) بالجر(3)، فإيجاب المسح لدى الإمامية عطفًا على (رؤوسِكم) لفظا، فيتحد عاملهما، وهو (امسحوا).

        أما السنة، فمن أوجب منهم الغَسل على قراءة الكسر لدليلين:

        - الدليل الأول: وهو ما تقدَّم من أن الغَسل مشتمِل على المسح، فينبغي الاحتياط به، وقد عرفت ما فيه.

        - الدليل الثاني: حمل الجر على مجاورة (أرجلِكم) ﻟ(رؤوسِكم)، فأبقَوا على الأصل، وهو النصب، على أن العامل هو (اغسلوا).

        وفيه: أولا: تقدَّم أن الأولوية للعامل الأقرب، هو (امسحوا).

        ثانيا: إن قاعدة المجاورة لا تجري في المقام؛ لأمور:

        الأول: للفصل بين (رؤوسكم) و(أرجلِكم) بالعاطف، فهذا ما لم تتكلَّم فيه العرب على ما نقل الرازي في تفسيره؛ فضلا عن كون المجاورة خلاف الأصل، فيقتصر فيها على موارد المجاورة حقيقة.

        الثاني: إنما تجري القاعدة فيما إذا أمن اللبس(4)؛ كما في قولهم: (هذا جحرُ ضبٍّ خربٍ)؛ لضرورة أن (خربٍ) لا تصلح نعتًا ﻟ(ضبٍّ)، وهنا اللبس واقع بين المسح والغَسل، وليس من عادة الحكيم اللبس على المكلفين في مقام بيان الأحكام، كيف إذا كان الحكم متعلِّقًا بعبادة يتوقَّف عليها عمود دين الإسلام، وهو الصلاة، فتأمَّل.

        وتنبغي الإشارة إلى أن السنة لم يعملوا بالأخبار الدالة على وجوب غسل الرجلين؛ بحجة أنها من أخبار الآحاد التي لا تخصص الكتاب، فيكون ذلك لنا عليهم، فالحمد لله الذي ألحقهم بركبنا من حيث يدرون أو لا.

________

(1) "عن ابن عباس، وأنس بن مالك، وعكرمة، والشعبي، وأبي جعفر محمد بن علي الباقر، أن الواجب فيهما المسح، وهو مذهب الإمامية من الشيعة. وقال جمهور الفقهاء والمفسرين: فرضهما الغَسل، وقال داود الأصفهاني: يجب الجمع بينهما، وهو قول الناصر للحق من أئمة الزيدية. وقال الحسن البصري، ومحمد بن جرير الطبري: المكلف مخير بين المسح والغَسل". تفسير الرازي ج11، ص161.

(2) وهي قراءة نافع، وابن عامر، والكسائي، وحفص، ويعقوب. القراءات العشر المتواترة.

(3) وهي قراءة الباقين. القراءات العشر المتواترة.

(4) راجع تفسير الرازي ج11، ص161.



 
 


الصفحة الرئيسية

د. السيد حسين الحسيني

المؤلفات

أشعار السيد

الخطب والمحاضرات

البحوث الفقهية

البحوث العقائدية

البحوث الأخلاقية

حوارات عقائدية

سؤال واستخارة

فتاوى (عبادات)

فتاوى (معاملات)

سيرة المعصومين

أسماء الله الحسنى

أحكام التلاوة

الأذكار

أدعية وزيارات

الأحداث والمناسبات الإسلامية

     جديد الموقع :



 كَبُرْتُ اليوم

 الاستدلال بآية الوضوء على وجوب مسح الرجلين

 العدالة

 السعادة

 قوى النفس

 البدن والنفس

 تلذُّذ النفس وتألمها

 العبادة البدنية والنفسية

 العلاقة بين الأخلاق والمعرفة

 المَلَكَة

     البحث في الموقع :


  

     ملفات عشوائية :



 خمس مواد البناء والبيوت

 الرزّاق الرازق

 عِدَد الطلاق والوفاة والزواج المؤقت

 عدة غير الحامل

 نية وكيفية الوضوء

 كفارة النذر ونذر السفر

 الإدغام

 نية الصوم

 الوهّاب

 زيارة الإمام محمد بن علي الجواد التقي (عليهما السلام)

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية
  • أرشيف المواضيع
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

Phone : 009613804079      | |      E-mail : dr-s-elhusseini@hotmail.com      | |      www.dr-s-elhusseini.net      | |      www.dr-s-elhusseini.com

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net